دروس في الثقة والشفافية

على الرغم من التحامل الشديد المثير للتساؤلات، الذي ميز قرار مجموعة العمل المالي (FATF) بإدراج دولة الإمارات ضمن ما يُعرف بـ«القائمة الرمادية»، بزعم وجود قصور في تشريعات مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، ورغم ما حملته هذه الخطوة المسيّسة من تأثير معنوي على سمعة الدولة التي برزت سريعاً كأحد أكثر الاقتصادات ديناميكية في المنطقة والعالم، تعاملت الإمارات مع الأمر برؤية هادئة وإصلاحية، لم تنجرّ فيها إلى ردود انفعالية، بل تبنّت استراتيجية منهجية، ركزت على مراجعة شاملة للتشريعات وتحديث البنى الرقابية وتكثيف التعاون الدولي.

وفي فترة زمنية قياسية، أثبتت الدولة قدرتها على التكيّف والالتزام الصارم بأرفع المعايير الدولية، ما دفع مجموعة العمل المالي، في خطوة غير مسبوقة من حيث السرعة، إلى إزالة اسم الإمارات من القائمة الرمادية في اعتراف نادر بفعالية أنظمتها وتشريعاتها ودورها المتنامي الأهمية في جهود المكافحة.

هذا الإنجاز لم يكن دفاعاً فقط عن السمعة، بل برهاناً حيّاً على رصانة وقوة النظام المالي في الدولة، وشفافيته وقدرته على التطور، فقد أظهرت التجربة أن النظام المالي الإماراتي ليس فقط ملتزماً، بل يُعدّ شريكاً عالمياً فاعلاً في مكافحة الجرائم المالية العابرة للحدود وصون المنظومة الاقتصادية العالمية.

ما حدث يعكس أيضاً معادلة جديدة، لم تعد الأسواق الناشئة بحاجة لإثبات جدارتها أمام نظرة أوروبية متوجسة، بل أصبحت تقود دفّة التغيير في معايير الامتثال ومواجهة المخاطر.

فاليوم، باتت دولة الإمارات بشكل عام، ودبي على وجه الخصوص، بما تملكه من رؤية ونهج استباقي، تقدّم نموذجاً عالمياً في كيفية تحويل التحدي إلى نقطة انطلاق.