اليوم هو يوم حرم صاحب السموّ الشيخ محمّد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، سمو الشيخة هند بنت مكتوم بن جمعة آل مكتوم، التي كرّمها سموه بتخصيص احتفالات الإمارة بمناسبة استلامه لمقاليد الحكم قبل تسعة عشر عاماً، ليكون هذا اليوم الأغرّ في تاريخ الوطن تكريماً للشيخة هند بنت مكتوم بن جمعة آل مكتوم، رفيقة درب صاحب السموّ وداعمة مسيرته، وناشرة الخير في كل مكان من دبي الحبيبة، وها هو سموّ الشيخ حمدان بن محمّد بن راشد آل مكتوم، وليّ عهد دبي، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الدفاع، يكون أول المستجيبين لطلب والده صاحب السموّ الشيخ محمّد بن راشد آل مكتوم، فينشر على حسابه في مواقع التواصل الاجتماعي قصيدة هي من عيون الشعر سمّاها «أميرة قلوب الأتقياء» رفعها إلى مقام والدته الجليلة، وألقاها بصوته العذب الذي يزداد به الشعر جمالاً وجاذبية وتأثيراً، لتكون هذه القصيدة بمحتواها وإيقاعها البديع واحدة من الروائع الشعرية لسموّ الشيخ حمدان بن محمّد بن راشد آل مكتوم، الذي يعرف القاصي والداني براعته الشعرية وموهبته الفذّة التي ورثها عن والده شاعر الجزيرة وفارسها الذي لا يُبارى.
يا أميرة قلوب الأتقياء مرّني طاريك
مرور السهر في محجر عيون عشاقه
أقدّم لك مْن العمر روحي ولا يكفيك
كما أنّه يقـدّم يانع الورد في باقه
بهذا الخطاب النديّ النابع من قلبٍ ممتنٍّ بالعطاء يفتتح سموّ الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم هذه القصيدة الجميلة المرفوعة إلى مقام والدته سمو الشيخة هند بنت مكتوم بن جمعة آل مكتوم، في يوم تكريمها من جميع أبناء دبي، مُسبغاً عليها لقب «أميرة قلوب الأتقياء» تنويهاً بالأخلاق العالية التي تتمتع بها سمو الشيخة هند بنت مكتوم آل مكتوم، والتي مرّ ذكرها في خاطر الشاعر مستذكراً ملامح وجهها الذي يُشعّ بمعاني الأمومة، وهي تربّي صغارها تماماً مثلما يمرّ السهر في جفن عشاق السَّهر، ليتدفق نبع الحب من قلب هذا الولد البارّ بوالدته التي لو قدّم لها العمر والروح فلن يكون كافياً في جنب ما قدّمته لهم من عمرها، ويبلغ الجمال الشعري ذروته حين يشبه تقديم العمر لمقام الوالدة بتقديم الورد اليانع في باقة تمّ تنسيقها بما يناسب مقام الإنسان الذي تُهدى إليه.
شعور المحب الصادق اللي بلا تشكيك
تبيّنه عينه لو يخفّيه خفّاقه
وِشْ أفخم من اسمي يوم مرّت حروفه فيك
تقولين يا (حمدان) والروح منساقه
في هذا المقطع يواصل سموّ الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم وصف مشاعره الصادقة تجاه والدته الجليلة، وكيف أنّ شعوره الصادق لا يمكن إخفاؤه، حتى لو حاول القلب ذلك، فإنّ العين ناطقة بهذا الحبّ الصادق، ثم يستذكر لحظات الطفولة الجميلة حين كانت تناديه باسمه «حمدان» ليشعر بالفخامة بهذا التكريم حين تنطق الوالدة باسمه، وتكون الروح متشوّقة لكلّ حرفٍ يخرج من فم الوالدة الكريمة.
تقولين يا (حمدان) وأقول يا لبيك
غلا.. حنّ رعّاده وله لاح برّاقه
خذاه الزمن من صغر سنّه ما بين يديك
سياسه وشعر وطير ومسرّج وناقه
ثم تزداد الذاكرة توغّلاً في التفاصيل القديمة حين كانت تناديه الوالدة باسمه فيجيبها على الفور بلفظ «لبّيك» وهو لفظٌ دالٌّ على كمال الطاعة مع تمام المحبّة، فهي لا تناديه إلا لأنه الولد الغالي على قلبها، فهي تحنّ عليه ويلمع برق محبتها في وجهه، هذا الفتى الشاب الذي ستأخذه الأيام والمسؤوليات من طفولته، ويصبح ذلك الرجل المشغول بالسياسة وقرض الشعر وصيد الطيور واعتلاء ظهور الخيل المسرجة وركوب الناقة في سباق الهجن، وغير ذلك من نشاطات الحياة التي تجعله يبتعد أحياناً عن هذه الأم الرؤوم.
كثر ما اشتهرت وصرت معشوق ذيك وذيك
لك الشوق حصري والمعاليق مشتاقه
يا مولاتي اللي جنّتي تحت رجليك
حنان الأمومه ينعش الروح ترياقه
ثم كبر هذا الشابّ الشجاع المشهور بقول الشعر، وأصبح معشوقاً من الجميلات اللواتي يتسابقن للظفر بقلبه، لكنه يؤكّد أنّ قلبه محجوزٌ لوالدته الّتي لها وحدها حقّ الحبّ الحصريّ، لأنّ أحشاءه ومعاليقه تشتاق لهذه الوالدة العظيمة التي لا يمكن لمكانتها أن تتزحزح من قلبه الوفيّ لها، ثم يخاطبها بلغة عظيمة التوقير قائلاً: يا مولاتي، ثمّ علل سبب هذا الإجلال بأنّ الجنة تحت قدمي الوالدة، مستلهماً الحديث المشهور: «الجنّة تحت أقدام الأمهات» وهو حين يقدّم هذا الحبّ فهو يعرف لماذا يقدّمه، فإنّ حنان الأمومة ينعش الروح ويكون للقلب كالترياق الذي يشفي الجسد من جميع الأمراض.
يا أمّ الشيوخ بلاد زايد تفاخر فيك
على درب فعل الخير خطوتك سبّاقه
تقولين مجدك وِرث جدّك وورث أبيك
الأمجاد للي يملك الوعي والطاقه
وتزداد نبرة الفخر في هذه القصيدة الجميلة، حيث يخاطب الشاعر والدته بقوله: «يا أمّ الشيوخ» في إشارة إلى إخوانه الكرام الذين أنجبتهم والدته الكريمة التي أصبحت من مفاخر بلاد الشيخ زايد التي لا تفتخر إلا بكلّ أصيلٍ وثمين، فهي التي تسير بخطى واثقة على درب الخير، وهي السبّاقة إلى فعل الخيرات في جميع الاتجاهات، كما هو معروف من سيرتها العطرة، وهي التي علّمت أولادها كيف يحافظون على مجدهم الموروث من آبائهم وأجدادهم، وأنّ الأمجاد يجب أن تكون محروسة بالعمل الجاد والحفاظ التام على ميراث الآباء والأجداد.
عسى الدار ما تفقدك والعين ما تبكيك
ورا كل عملاقٍ صنع مجد.. عملاقه
ثمّ كان هذا البيت الرائع الذي يفيض رقّة وعذوبة حين يدعو لوالدته الشيخة الجليلة بطول العمر، وألا تبكيها العين، فهي المرأة التي تقف خلف أمجاد والدهم باني دبي وفارس الوطن صاحب السموّ الشيخ محمّد بن راشد آل مكتوم، الذي ضرب أروع الأمثلة في الوفاء حين خصّص هذا اليوم للاحتفاء بسمو الشيخة هند بنت مكتوم بن جمعة آل مكتوم تعبيراً عن مكانتها العالية لدى صاحب السموّ وأبنائها البَرَرة الكرام، وجميع أبناء دبي الذين ينظرون إليها كرمز من رموز الخير والعطاء في بلد الخير والحبّ والعطاء.