قبل تسعة عشر عاماً، وتحديداً في الرابع من يناير عام 2006م، كانت مدينة دبيّ على موعد مع صفحة جديدة في دفتر مجدها الذي كتبه آل مكتوم عبر قرنين من الزمان إلا قليلاً، كانت على موعد مع قائد كان منذ شبابه الباكر جزءاً من منظومة الحكم في دبي منذ عام 1968م، ثم أصبح رجلاً عميق الحضور في دولة الإمارات العربية المتحدة حين طلع نجمها عام 1971م، ثم انخرط بجرأة نادرة في معركة البناء والإعمار غير ناظر إلا إلى بناء الوطن وصياغة معادلة فريدة للتقدّم، ذلكم هو صاحب السموّ الشيخ محمّد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبيّ، رعاه الله، الذي أصبح نائباً لرئيس الدولة، رئيساً لمجلس الوزراء، وحاكماً لدبيّ في ذلك اليوم بعد رحيل شقيقه طيّب الذكرى الشيخ مكتوم بن راشد آل مكتوم، رحمه الله، مما ترك أثراً عميقاً من الألم في قلب صاحب السموّ الشيخ محمّد بن راشد، لكن نداء دبي وأمانة الحكم لهما حقوق خاصة يجب معهما أن تستمر المسيرة، وأن يكون التحدي في تحقيق مزيدٍ من التقدم والإنجاز، لتظلّ دبي كما أراد لها بانيها ومهندسها طيب الذكرى المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم وجهة عالمية ومدينة مرموقة المكانة لا تزداد على مرور الأيام إلا تقدّماً وازدهاراً.
ودبي هي صاحبة الثلث الثالث في قلب صاحب السموّ الشيخ محمّد بن راشد الذي عبّر عن عمق حضورها في قلبه ووجدانه وذاكرته حين قال: «أبي والخيل ودبيّ هي ذكرياتي الأولى عن طفولتي، أبي والخيل ودبيّ هي ذاكرتي التي ستبقى معي حتى النهاية» فأيّ شعر وأي نثر يستطيع أن يتحدث عن مكانة دبي في قلب صاحب السموّ بعد هذا الحبّ المتجذّر في قلبه لهذه المدينة التي عشقها، وكتب قصّتها بقلمه وروحه، وجعل منها مدينة استثنائية تقترب قصّتها من حدود الأساطير والمعجزات، فلا غرابة أن تظل هذه المدينة هي الأغلى على قلب صاحب السموّ، وأن تظل في بؤرة اهتمامه، وأن يمنحها شبابه وحكمته وكهولته وفروسيته وشعره وأغانيه وحبّه وقلبه.
منذ تسعة عشر عاماً، ومدينة دبي في سباق مع الزمن في جميع مسارات الحياة، وحققت نهضة حضارية فريدة جعلت منها واحدة من مدن العالم الكبرى القادرة ببنيتها التحتية المتميزة أن تنافس ضمن مؤشّرات عالمية، وأن تقدّم لمواطنيها وقاطنيها وزوّارها حزمة رائعة من الخدمات من خلال تشريعات ناظمة لمسيرتها، وسياسة تنفتح على كلّ ما هو قادر على تنميتها وتحقيق السعادة لمواطنيها، وكانت عين صاحب السموّ الشيخ محمّد بن راشد في المقام الأوّل على الإنسان باعتباره هدف التنمية ووسيلتها، وأنّ الارتقاء به هو الهدف الأسمى لكل مظاهر التقدّم، فالأبنية وحدها لا تتقدّم بالأوطان، بل لا بُدّ أن يكون ذلك مصحوباً بتنمية ثقافية شاملة ترتقي بالحسّ الحضاري للإنسان الإماراتي، وتدفع به نحو مواطن متقدمة في التحدّيات العالمية، وخصوصاً في المجالات العلمية، الأمر الذي دفع الإمارة إلى تطوير بنية علميّة متفرّدة في المنطقة، رافقها نهضة حقيقية في الدراسات العلمية وفي جميع الاختصاصات، مع تعزيز المسيرة الشاملة بكثير من المبادرات التي تعزز الانتماء الحضاري لدى الإنسان الإماراتي، وخصوصاً ما يتعلق باللغة والثقافة، حيث كان صاحب السموّ الشيخ محمّد بن راشد سبّاقاً إلى طرح مجموعة من المبادرات الدالّة على عمق خبرته، ونفوذ بصيرته، وإصراره على أن يستعيد الإنسان العربي مكانته اللائقة به بين الأمم والشعوب المتحضرة.
في هذا العام اختار صاحب السموّ الشيخ محمّد بن راشد أن يكون لدبيّ وأهل دبيّ حفاوة خاصة بإنسانةٍ لها أروع البصمات في حياة هذه المدينة، هي سموّ الشيخة هند بنت مكتوم حرم صاحب السموّ التي منحها سموه لقب «روح دبي ونبضها وفرحتها» فكان حقّاً واجباً على كلّ من يعرف قدر هذه السيدة الجليلة أن يدرك مغزى هذه الحفاوة التي كرّمها بها صاحب السموّ حين نشر على حسابه في مواقع التواصل الاجتماعي تغريدة فيّاضة بكل معاني النُّبل والوفاء، منح فيها هذه السيدة الجليلة ما تستحقه من التكريم والتبجيل بعد هذه الرحلة الطويلة في صحبة صاحب السموّ فارس دبي وكاتب قصة مجدها وبهائها.
«تعوّدنا في كل عام في الرابع من يناير استبدال احتفالات يوم الجلوس وتخصيصها بشكل مختلف، وأحب تخصيص يوم الرابع من يناير هذا العام لزوجتي الشيخة هند بنت مكتوم، رفيقة دربي، وعوني وسندي وظهري في هذه الحياة»، بكلّ هذه الفروسية الأخلاقية الفذّة يفتتح صاحب السموّ الشيخ محمّد بن راشد هذه التغريدة المتوهّجة بالإنسانيّة العالية والنُّبل النادر، حين طلب من شعبه ومواطنيه أن يتمّ تخصيص هذا اليوم من عيد الإمارة للإنسانة التي رافقت صاحب السموّ الشيخ محمّد بن راشد رحلة الحياة الطويلة بكلّ ما فيها من التحديات، وكانت نعم الزوجة والرفيق والسَّند الذي لا يخذل ولا يترك الرفيق، فاستأثرت من قلب صاحب السموّ بهذه المنزلة العالية التي تستحقّها، فهي بنت الشيوخ الأصيلة، وأمّ الشيوخ الفرسان الذين هم عضد صاحب السموّ وسهام كنانته، وهو ما سيعبّر عنه صاحب السموّ الشيخ محمّد بن راشد حين استأنف حديثه في وصف مناقب هذه السيدة الجليلة قائلاً: «هند بنت مكتوم.. أمّ الشيوخ كانت وستبقى الصديقة والرفيقة والرقيقة» ليذكّرنا بهذه الكلمات الثمينة بما كتبه عن شيخة دبي طيبة الذكرى والدته الشيخة لطيفة بنت حمدان، رحمها الله، حين وصفها بالرقّة واللطف، في إشارة من صاحب السموّ الشيخ محمّد بن راشد إلى أنّ أخلاق المرأة مهما كانت مكانتها هي الأخلاق التي تنسجم مع فطرتها وأصالتها ومكانتها بين الحياة والناس.
«الشيخة هند من أرحم الناس بالناس وأكثرهم عطاءً وحُبّاً للخير، وهي عمود بيتي، وأساس أسرتي، وداعمي الأكبر طوال مسيرتي»، في هذا المقطع من هذه التغريدة الإنسانية النادرة يلقي صاحب السموّ الشيخ محمّد بن راشد ضوءاً ساطعاً على مظاهر الكمال الأخلاقيّ في شخصية الشيخة هند بنت مكتوم التي تحمل قلباً يفيض بحبّ الضعفاء والفقراء والمساكين، وتساندهم بكل ما أوتيت من عزيمة وقدرات في سبيل أن تكون لهم كرامتهم الإنسانية اللائقة بهم، فهي، حفظها الله، معدن من معادن الخير، ونبع فيّاض بالعطاء والبرّ، وهي في حياة صاحب السموّ الشيخ محمّد بن راشد عمود البيت الذي لا يقوم البيت إلا بوجوده، فهي الركن، وهي الأساس، وهي والدة أنجال صاحب السموّ وجذر أسرته السعيدة به وبها، وهي قبل ذلك كله وبعده السَّند القوي والداعم الذي لا يخذل لمسيرة صاحب السموّ في رحلة العطاء والإعمار.
«أمنيتي الأكبر يا هند أن يحفظك الله، ويسعدك ويديم بيننا المحبّة يا أوّل العمر وأجمله، ويا روح دبي ونبضها وفرحتها»، وفي هذا المقطع الرقيق يقف صاحب السموّ الشيخ محمّد بن راشد في قلب اللحظات الرقيقة التي تستخرج منه كلّ هذا الجمال الأخلاقي حين يخاطب الشيخة هند رفيقة الدرب بكلّ هذه الرقّة التي تليق بفروسيته وكرم أخلاقه، داعياً لها أن تكون محفوظة من المولى الكريم سبحانه، وأن تظلّ أواصر المحبّة التي عقدت بين قلبيهما قبل عشرات السنين قوية متينة، فصاحب السموّ بإحساسه الشعري المرهف يعرف أنّ المنزل الأول للقلب هو موطن الحنين الدائم، ثمّ بلغ التكريم ذروته حين أسبغ على الشيخة هند لقب روح دبي ونبضها وفرحتها، وهو تكريمٌ جليلٌ من فارس يعرف قيمة الكلمات وعمق تأثيرها في النفوس الأصيلة.
«وأدعو الجميع للوفاء لمن يستحق الوفاء، الوفاء لرفيقة الدرب، وسندنا في هذه الحياة، وخير الناس هو خيرهم لأهله كما يقول نبينا الكريم» صلّى الله عليه وسلّم، ثمّ كانت هذه الدعوة الصادقة من لدن صاحب السموّ الشيخ محمّد بن راشد للتعبير عما تستحقّه هذه السيّدة الكبيرة المقام، الجليلة القدر في ثقافة أهل دبي لكي يحتفلوا بها؛ لأنّها أهلٌ للاحتفاء وتستحقّ كلّ هذا الوفاء، فهي رفيقة الدرب لصاحب السموّ، وهي سند عائلة دبي الكبرى، وهي الوفيّة الأصيلة التي تحفظ العهد، وتصون الودّ، وتنشر ثقافة الخير والنفع بين الناس عملاً بقول المصطفى، صلى الله عليه وسلم «خيركم خيركم لأهله»، وقوله صلّى الله عليه وسلّم: «خير الناس أنفعهم للناس».
«شكراً الشيخة هند»، ثمّ كانت هذه الخاتمة الرائعة التي تلخّص كل ما سبق من مظاهر الاحترام والتوقير والمحبة التي كتبها صاحب السموّ الشيخ محمّد بن راشد تكريماً لرفيقة دربه، وأمّ أولاده وبانية أُسرته وداعمة مسيرته، لتكون هذه الكلمة تلخيصاً لكلّ معاني الشكر والامتنان التي يشعر بها صاحب السموّ تجاه الشيخة هند بنت مكتوم التي كتبت مسيرة حياتها في صحبة فارس دبي وكاتب قصة مجدها بحروف الحبّ والوفاء وصادق الانتماء.