بأي حال قد عدت يا عام؟

انقضى عام 2024 بأفراحه وأتراحه، وأقبل عام جديد مملوء بالأمل رغم انعدام بوادره. لقد كان عام 2024 مليئاً بالمآسي ولكن من رحم الشدائد يولد الأمل. ولعل العام المقبل سيكون أفضل.

سيطرت أخبار غزة على سنة 2024. ليس هناك أمل كبير في توقف الحرب. فكل بارقة أمل تذهب أدراج الرياح بمجرد ظهورها. وكأنه مكتوب على الشعب في غزة أن يعيش في ضنك، زاد عليه قصف عشوائي لا يبقي ولا يذر لا بشر ولا حجر. وبسبب المذابح وجهت تهمة الإبادة الجماعية لرئيس الوزراء بنيامين نتانياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت من قبل المحكمة الجنائية الدولية وإصدار مذكرتي اعتقال.

وقد تمددت الحرب لتشمل لبنان حيث قام «حزب الله» بالهجوم على إسرائيل في اليوم الثاني لهجوم «حماس» في 7 أكتوبر 2023. والمناوشات على الحدود انقلبت إلى حرب شاملة استطاعت إسرائيل خلالها أن تقضي على قيادات «حزب الله» بما فيها الأمين العام للحزب حسن نصرالله وخلفه هاشم صفي الدين. حتى قيادات الصف الثاني لم تسلم من الهجوم عبر البيجرات المفخخة وأجهزة الراديو، ما أدى إلى مقتل 37 شخصاً وجرح الآلاف من مستخدمي هذه الأجهزة.

كان ولا يزال هناك تخوف كبير من اتساع الحرب لتشمل إيران الداعم الأول لـ«حزب الله». وقد كان هناك هجوم وهجوم مضاد بين إيران وإسرائيل. إلا أن تطور الأوضاع في لبنان والتوصل إلى هدنة أوقف دورة الهجوم المتبادل بين إسرائيل وإيران. لكن المواجهة بين الدولتين حول البرنامج النووي الإيراني واردة وبخاصة مع وصول إدارة أمريكية متشددة وراغبة في مواجهة إيران، لكن اتساع رقعة الحرب استمر مع تصاعد وتيرتها في غزة، ولايزال الحوثي يصر على المواجهة ما لم تتوقف إسرائيل في حربها ضد غزة. وتقوم إسرائيل بضربات انتقامية ضد اليمن وتستهدف كثيراً من البنية التحتية في اليمن. ومع ذلك لم يكف الحوثي عن إرسال المسيرات والصواريخ إلى مدن وموانئ إسرائيل. ولا يبدو أن 2025 يحمل بوادر حل لهذه المواجهات.

مع نهاية العام شهدت سوريا نهاية دراماتيكية لنظام الأسد الذي استمر على ما يربو النصف قرن بين الوالد حافظ والابن بشار. قاوم النظام الثورة السورية لمدة 13 عاماً ولكنه انهار في 11 يوماً. وكان النظام يعتمد فيما يعتمد على الدعم الخارجي.

داعمو النظام أصبح لكلٍّ شأنٌ يغنيه. روسيا منشغلة بحربها مع أوكرانيا، وإيران وامتداداتها قلصت بفعل الحرب على لبنان. و«حزب الله» خسر كثيراً من قوته وقواته في المواجهة مع إسرائيل. يبدو أن الأسد كان يرتقب وصول المد الخارجي ولكنه لم يصل. ولعله رأى أن المهم النجاة بنفسه وفرّ هارباً إلى موسكو الحليف الوحيد الذي يستطيع استقباله.

ويبقى السؤال عن كُنه النظام الجديد. هناك تصريحات مطمئنة وأفعال متناقضة. وسنرى كيف سيتطور النظام الجديد لاستعادة سيادة الدولة وتمكين كل مكونات المجتمع السوري من المشاركة الحقيقية في بناء الوطن، والذي مزقته الحرب لما يزيد على عقد من الزمن.

وفي أهم دولة ذات تأثير بالغ على منطقة الشرق الأوسط، وصل ترامب إلى سدة الحكم للمرة الثانية، على حساب جو بايدن. ولم تكن هذه المرة الأولى الذي يخسر فيها رئيس الانتخابات بعد فترة رئاسته الأولى. فقد سبقه إلى ذلك الرئيس جروفر كليفلاند في القرن التاسع عشر حين خسر إعادة انتخابه ولكنه عاد وانتخب رئيساً.

الجميع يترقب ما سيحمله الرئيس ترامب للمنطقة. ولكن تعييناته للوزراء المعنيين بالسياسة الخارجية لا تحمل كثيراً من التفاؤل إزاء احتمال إنهائه للحرب في غزة، رغم أنه أعلن عدم رغبته في استمرار الحرب مع وصوله للبيت الأبيض. نتانياهو على الأرجح سيتجاوب مع طلب صديقه ترامب والشائعات تقول إنه قد يكون وقف الحرب في غزة هدية وصول ترامب للرئاسة وعربون الصداقة المتجددة.

هل نرى عاماً جديداً تُحسم فيه الملفات الساخنة في المنطقة؟

سَتُبدي لَكَ الأَيّامُ ما كُنتَ جاهِلاً.. وَيَأتيكَ بِالأَخبارِ مَن لَم تُزَوِّدِ.