القراءة.. بذرة المستقبل

لا شيء يصنع الإنسان كما تصنعه الكلمة التي تُلقى في تربة العقل، فتثمر وعياً، وتنبت أحلاماً، وتشق دروباً واسعة نحو المعرفة. وحين نغرس حب القراءة في قلب الطفل، فنحن لا نعطيه كتاباً فحسب، وإنما نمنحه مفاتيح العالم.

القراءة ليست ترفاً ذهنياً في حياة الطفل، بل ضرورة وجودية، تشكّل حجر الأساس في بناء شخصيته وتنمية مهاراته اللغوية والتعبيرية والعاطفية. هي بوابة لاكتشاف الذات قبل العالم، ومعين لا ينضب لتوسيع الخيال وتحفيز التفكير النقدي والإبداعي، في زمن باتت فيه المهارات الذهنية وقوداً لعجلة المستقبل.

من هنا، تتّضح الرؤية الاستراتيجية لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، وحرصه الدائم على غرس ثقافة القراءة لدى الأجيال الناشئة، إذ لم تكتفِ دبي ببناء مكتبات عصرية ومساحات معرفية مفتوحة.

وإنما تجاوزت ذلك إلى تأسيس منظومة متكاملة تستثمر في الطفل قارئاً ومبدعاً ومشاركاً في صناعة التغيير. وتتجلى هذه المسارات في «تحدي القراءة العربي» الذي نحتفي حالياً بدورته التاسعة التي شهدت مشاركة قياسية وصلت إلى 32 مليوناً و231 ألف طالب من 50 دولة.

وهناك أيضاً مبادرة «زاد راشد»، التي أطلقتها «دبي للثقافة» بالتعاون مع هيئة تنمية المجتمع في دبي، لتكون خطوة عملية في تحويل القراءة إلى ممارسة يومية ممتعة لدى الصغار، حيث تقدم لهم المبادرة «حقيبة معرفية» شهرية تحوي كتباً وقصصاً منتقاة بعناية، تناسب أعمارهم وميولهم، وتصلهم إلى منازلهم، ليكون الكتاب في متناول أيديهم.

«زاد راشد» ليست مجرد مبادرة لتوزيع الكتب، وإنما مشروع تنموي يستهدف بناء جيل قارئ، واعٍ، ومشارك، قادر على استشراف الغد وتشكيل ملامحه. إنها خطوة تستجيب لتحديات الحاضر وتراهن على المستقبل.

مسار:

الطفل القارئ هو مشروع حياة، فعندما نغرس القراءة في وجدانه نمنحه جناحين ليحلّق في فضاء العلم والابتكار.