لا يمكن للقلم أن يكتب كلمة واحدة في المعاني الإنسانية لثقافة العطاء والخير دون الرجوع بالذاكرة والبصيرة إلى سنوات التأسيس الأولى لهذه الدولة الميمونة المباركة، حين هبّ فارس الصحراء الشجاع، الكريم الأخلاق والطباع، المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيّان، طيب الله ثراه، من أجل توحيد شمل هذه البلاد وصياغة النموذج الأرقى للوطن والإنسان، يساعده في تحقيق هذا الهدف الكبير كوكبة من خيرة رجال الوطن وفرسانه الأصلاء.

فكان له ما سعى من أجله وأراد، وطلعت شمس هذه البلاد في سماء العروبة والإسلام، ومنذ تلك اللحظة التاريخية الفارقة كانت دولة الإمارات العربية المتحدة هي الدولة النموذج في تأسيس نمط فريد من العلاقات الإنسانية يقوم في جوهره على التسامح وحبّ الخير وتقديم يد العون للإنسان مهما كان أصله وعرقه ودينه، مجسّدة بذلك واحدة من أعمق القيم حضوراً في ثقافة الإسلام، ومرسّخة الرسالة الحقيقية للعروبة والإسلام، التي هي في جوهرها العميق رسالة أخلاقية تجعل الإنسانية تلمس البُعد الروحي الكبير داخل تعاليم الإسلام.

تأسيساً على ما تقدم، وحفاظاً على هذه الرؤية الإنسانية الصادقة لفعل الخير تمّ قبل ثلاث سنوات إطلاق المشروع الإنساني للإمارات من أجل توفير مليار وجبة للمحتاجين حول العالم، وتعبيراً عن النجاح الكبير لهذا المشروع الذي يجسّد الروح الأخلاقية للشعب والدولة، نشر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، تغريدة بديعة المحتوى تحدّث فيها عن المنجز الكبير لهذا المشروع الإنساني الرحيم، مع الإشارة إلى الاستمرار في تقديم خدمات المشروع الذي غطّى مساحة جغرافية واسعة تشهد على نزاهته واهتمامه بالإنسان تحت كلّ سماء وفوق كلّ أرض.

حيث وصلت خدماته إلى خمس وستين دولة من الدول التي تشهد ظروفاً معيشيّة صعبة تحتاج إلى مدّ يد العون والمساعدة، وتخفيف ويلات الجوع وضربات الفقر والحرمان.

«أطلقنا قبل 3 أعوام مشروعنا الإنساني لتوفير مليار وجبة للمحتاجين حول العالم، وبحمد الله تم خلال الشهر الجاري إنجاز المشروع بالكامل، حيث تمّ توزيع مليار وجبة في 65 دولة حول العالم.

وسيتمّ توزيع 260 مليون وجبة إضافية خلال العام القادم»، بهذه الروح المفعمة بالحمد والشكر والاعتزاز والفخر أعلن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد عن تحقيق الأهداف المعلنة لوقف المليار وجبة الذي تمّ إطلاقه قبل ثلاث سنوات، وشهد إقبالاً منقطع النظير من أبناء الوطن أفراداً ومؤسّسات لدعم هذا التوجّه الإنساني النبيل لهذه الدولة الميمونة، وكان لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد اليد الطُّولى في تحقيق هذا الإنجاز الإنساني الفريد.

ولا غرابة في ذلك على هذا القائد الإنسان الذي عاش طول عمره وهو ينشر ثقافة الخير والإحسان، وينادي بأعلى صوت أنّ المعركة الكبرى هي صناعة الإنسان وإنقاذ ما تبقّى من كرامته التي مزّقتها الحروب والنزاعات، وها هو يواصل السعي في سبيل أن تظلّ دولة الإمارات ممدودة اليد بفعل الخير، ونشر قيم العطاء، لا سيّما بين الشعوب التي نسيتها الحضارات الكبرى المشغولة بالصراعات والحروب بينما تتضوّر ملايين البطون من الجوع، ويعلو أنينها في كلّ مكان، فجاءت هذه المبادرة العظيمة لتقول للناس كلّ الناس:

إنّ هناك قلوباً رحيمة، وأيادي معطاءة لا زالت تفكّر بهموم الإنسان، وتعطي من قلب صادق في سبيل التخفيف من أوجاع البشرية المنكوبة بالحروب والصراعات، حيث تمّ توزيع مليار وجبة في خمس وستين دولة.

وهذا منجزٌ يُشبه المستحيل، لكنّ إرادة حبّ الخير لا تعرف المستحيل، ولن تتوقّف الجهود عند هذه النقطة، بل سيتمّ توزيع 260 مليون وجبة في العام القادم لتكون أكبر دليل على نجاح هذا المشروع الإنساني الكبير.

«كما أنشأنا أوقافاً عقارية مستدامة أيضاً لضمان استمرارية إطعام الطعام للمحتاجين حول العالم في الأعوام القادمة». ولضمان استمراريّة هذا المشروع الإنساني الفريد أعلن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد عن إنشاء مجموعة من الأوقاف العقارية المستدامة التي ستكون رافداً قويّاً لضمان استمرار مشروع الإطعام في الأعوام القادمة.

ليكون ذلك تأكيداً على رسوخ أخلاقيّة الخير ونشر ثقافة العطاء في سياسة هذه الدولة التي تعرف ببصيرة قادتها أنّ ما يكتبه التاريخ هو الإسهام الفعلي في نشر ثقافة العطاء والإحسان.

«نحمد الله على نعمة العطاء، ونحمد الله على نعمة الوفاء بالوعد، ونحمد الله على نعمة هذا البلد الطيب الذي عمّ خيره العالم، حفظ الله الإمارات وشعبها، وأدامهم للخير عنواناً ومقصداً». و

لأنّ العطاء نعمة كبيرة لا يُوفّق إليها إلا أصحاب القلوب الكبيرة، فإنّ صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد الذي يعرف قدر هذه النعمة يشكر الله تعالى ويحمده على هذا التوفيق الذي تجلّى في الوفاء بهذا الوعد الذي وعد به صاحب السمو قبل ثلاث سنوات، وها هو يتجسّد واقعاً ملموساً تمّ من خلاله تخفيف لوعة الجوع عن ملايين الأكباد المتضوّرة، والأمعاء الخاوية، لتظلّ الإمارات بلد الخير والعطاء، وسبّاقة في هذا المضمار الذي سنّه زايد الخير، وسار في دربه هؤلاء القادة الفرسان الذين يرفعون رأس الإمارات في كلّ مضمارٍ وميدان.