عادل إمام وشائعات وفاته

لا يمر شهر إلا وتنتشر الشائعة المعتادة عن رحيل الفنان الكبير عادل إمام، أو عن تدهور وضعه الصحي، وكأن هناك من يضايقه وجود الرجل على قيد الحياة، أو يستعجل وفاته.

يحدث هذا على الرغم من النفي المتكرر من قبل أسرته، والتحذير الدائم من ترويج مثل هذه الأخبار.

وقد سهلت منصات السوشيال ميديا وتقنيات الذكاء الاصطناعي، انتشار مثل هذه الشائعات وغيرها، وتداول الصور المفبركة بحق أهل الفن، ممن أدخلوا البهجة إلى حياتنا بأعمالهم الجميلة، وفي مقدمهم، بطبيعة الحال، فنان الكوميديا الأول في مصر والعالم العربي، عادل إمام، الذي بلغ في مايو المنصرم عامه الخامس والثمانين (من مواليد المنصورة في 17 مايو 1940).

صحيح أن الرجل بدا، في آخر صورة نشرت له، شاحباً ومنهكاً، وآثار الشيخوخة واضحة على محياه بدرجة كبيرة، لكن ذلك لا يعني صدور شهادة وفاته، أو عجزه وابتعاده عن الأضواء، أو النظر إلى ما حوله بعين سوداوية، خصوصاً حينما يكون صاحب الصورة فناناً في مقام «الزعيم»، الذي أشعل الشاشات وخشبات المسرح متعة وفرحاً وحبوراً وترفيهاً، منذ ستينيات القرن العشرين.

يقودنا هذا إلى ما كتبه الروائي المصري المعروف إبراهيم عبد المجيد، في كتابه الجديد «روايات لم تروَ» (كيان للنشر 2025)، حول الرحلة الطويلة العظيمة لعادل إمام في عوالم السينما والمسرح والتلفزيون، والتي أثمرت حتى الآن عن 120 فيلماً، و11 مسرحية، و16 مسلسلاً تلفزيونياً، تنقّل خلالها بين أدوار حملت رسائل سياسية وفكرية وفلسفية، مع مساحات ظهور متفاوتة له في كل عمل من حقبة زمنية إلى أخرى، وفق ذكاء في التدرج والتنوع.

فهو مثلاً ظهر في أدوار سينمائية ثانوية في النصف الثاني من عقد الستينيات، في أفلام مثل: «أنا وهو وهي»، و«سيد درويش»، و«مراتي مدير عام»، و«لصوص لكن ظرفاء».

ثم راح يقترب من أدوار البطولة خلال عقد السبعينيات، كما في أفلام «البحث عن فضيحة»، و«البعض يذهب للمأذون مرتين»، و«إحنا بتوع الأوتوبيس»، و«رجب فوق صفيح ساخن».

وفي عقد الثمانينيات عرف طريقه نحو البطولة المطلقة، من خلال أفلام مثل: «شعبان تحت الصفر»، و«الإنسان يعيش مرة واحدة»، و«المشبوه» و«المتسول»، و«الحريف»، و«حب في الزنزانة»، و«الغول»، و«حتى لا يطير الدخان»، و«الأفوكاتو»، و«الهلفوت»، و«سلام يا صاحبي»، و«النمر والأنثى»، أما في عقد التسعينيات وما بعده، فقد رسخ الرجل موقعه في خانة النجوم الكبار من ذوي الجماهيرية الطاغية، وذلك بتقديم أفلام مثل: «شمس الزناتي»، و«اللعب مع الكبار»، و«مسجل خطر»، و«الإرهاب والكباب»، «المنسي»، و«بخيت وعديلة»، و«طيور الظلام»، و«النوم في العسل»، و«الواد محروس بتاع الوزير»، و«عريس من جهة أمنية»، و«عمارة يعقوبيان»، و«مرجان أحمد مرجان»، و«زهايمر»، و«السفارة في العمارة»، وغيرها..

في عيد ميلاده الرابع والثمانين، كتب إبراهيم عبد المجيد عنه قائلاً إنه: «يحمل وجهي الكوميديا والدراما معاً في روحه، فهو ممثل لا يضع نفسه في علبة واحدة.

هو في كل الأحوال ينتمي بدرجات إلى مدرسة ستانسلافسكي (أسطورة المسرح الروسي)، التي بدأت في المسرح، ووصلت إلى السينما العالمية.

لا تشعر أبداً أنه يقوم بدور أمامك، بل هو والدور واحد، ولا يمنع هذا أن يضع بصمته الكوميدية وسط الدراما، بنظرة ساخرة من عينه وسط الجد، أو تنويع في لفظ الكلمات وغير ذلك».

ويختتم بقوله: «الاحتفال بعادل إمام، هو احتفال بالسينما المصرية والفن المصري.. هو إقامة متحف من الجمال والآمال من جديد. كل سنة وفناننا الكبير بخير».