التخرّج.. فرحة ولكن!

حضرتُ مؤخراً حفل تخرج ابن أحد أقاربي من الثانوية العامة، وقد كانت المناسبة تحمل في طياتها الكثير من الفرح والفخر.

فيوم التخرج هو محطة استثنائية في حياة الطالب، فهي تتويج لسنوات من السهر والاجتهاد، وتعبير عن امتنان الأسر للمدرسة والمعلمين.

لهذا السبب، كان من الجميل أن نرى إدارة المدرسة تبذل جهداً واضحاً في تنظيم الحفل، واختيار مكان مرموق يعكس أهمية الحدث، ويضمن راحة الحضور وتوفير بيئة تليق بالطلبة وأسرهم.

ومنذ اللحظات الأولى، كان واضحاً أن فريق التنظيم عمل على إعداد برنامج متوازن يشمل الكلمات الرسمية، والتكريم، والعروض الفنية، مع توفير كافة الخدمات اللوجستية لضمان سير الحفل بسلاسة.

وقد سعدت، كغيري من الحاضرين، بهذه الجهود التي تستحق الثناء والتقدير.

إلا أن الصورة الجميلة لم تكتمل، فقد طغت سلوكيات غير مسؤولة من بعض أصدقاء وأقارب الخريجين على أجواء الحفل، وحوّلته إلى ما يشبه مدرجاً رياضياً أكثر منه مناسبة تربوية.

ولا شك في أن استخدام الأبواق والمكبرات الصوتية المحمولة، والصراخ المتواصل خلال فقرات الحفل، أفسد على كثير من الحضور متعة المشاركة، بل أربك المتحدثين، والطلبة أنفسهم وهم يعتلون المسرح لتسلم شهاداتهم.

وما زاد الأمر سوءاً، هو اندفاع عدد كبير من هؤلاء الأشخاص نحو خشبة المسرح قبل انتهاء مراسم التتويج، في مشهد غير لائق، تسبب في فوضى وارتباك، وأدى إلى انقطاع بعض الفقرات.

ورغم وجود عناصر من الشرطة ومحاولتهم الجادة في السيطرة على الوضع، ومحاولات الطاقم التنظيمي كذلك، إلا أن الاستجابة للتوجيهات كانت محدودة.

فقد تعالت النداءات من عريف الحفل في مكبرات الصوت تطالب هؤلاء الأشخاص بالابتعاد عن المنصة، لكن دون جدوى.

هذا الحادث المؤسف، الذي يمكن أن يتكرر بشكل أكثر فوضوية لا سمح الله، يدفعنا لدعوة الجهات المسؤولة وبجدية لأهمية وضع ضوابط أكثر صرامة لتنظيم حفلات التخرج المدرسية، يمنع فيها استخدام مكبرات الصوت والأبواق.

وهنا يأتي دور هيئة المعرفة والتنمية البشرية في دبي، والجهات التربوية المختصة، في اعتماد إجراءات وقائية وتثقيفية، تضمن احترام هذه المناسبات التربوية، وتعزز لدى الطلاب وأسرهم قيم الانضباط، والاحتفاء المسؤول.

ففرحة التخرّج تستحق أن تُصان، وأن تبقى ذكرى مشرقة في حياة أبنائنا... لا أن تشوهها الفوضى والعشوائية.