تداعيات حرب إسرائيل وإيران

شنت إسرائيل هجمات جوية على إيران يوم الجمعة 13 يونيو. الضربات متوقعة ولكن التوقيت مفاجئ، حيث أن هناك محادثات غير مباشرة مجدولة بين الولايات المتحدة وإيران في العاصمة العمانية مسقط بعد يومين من الضربة.

يبدو أن الضربات كانت على حين غرة، ووقعت إيران في ارتباك بسبب عدد القتلى والأشخاص المستهدفين. بالنسبة لإسرائيل فإن الهجمات كانت ناجحة وتستعيد ضربات الخامس من يونيو 1967، حين أغارت الطائرات الإسرائيلية على مصر، وفي سويعات قليلة، قضت على القوات الجوية، وتسنى لها احتلال كامل شبة جزيرة سيناء، بالإضافة إلى الأراضي العربية الأخرى.

نشوة النصر في البداية جعلت من الرئيس دونالد ترامب يتحدث وكأنها حربه هو، حيث قال: «إن النتائج باهرة وأننا نسيطر على سماء إيران بالكامل». بالطبع لا يمكن لترامب أن يدع بنيامين نتنياهو ينتشي النصر دون أن يقاسمه، خصوصاً أن السلاح الذي استخدمته إسرائيل، سلاح أمريكي.

ولكن سرعان ما شرعت طهران في رد، حيث قامت القوات الإيرانية باستهداف مواقع استراتيجية وحيوية. وردت إسرائيل بالمثل وأكثر. واستطاعت إسرائيل أن تسيطر على سماء إيران بسبب تفوقها الجوي، ولكنها لم تستطع حماية سماءها من صواريخ إيران.

روبرت مالي، والذي عمل مع إدارات ديمقراطية وزمليه حسين آغا، والذي كان مستشاراً للوفد الفلسطيني المفاوض في كامب ديفيد في العام 2000، حذرا مما أسموه الاعتزاز المفرط بالانتصار. الأمور تتقلب، وكم من نصر يبدو بعد فترة خاوياً.

نتنياهو يصر على أنه يغير وجه الشرق الأوسط، وإن انتصاراته المتلاحقة على «حماس» و«حزب الله» وسقوط نظام الأسد، والآن إيران، يعزز من الاستقرار في المنطقة، وتصب في مصلحة ومكانة الولايات المتحدة.

تشعر إسرائيل أن لديها فائض قوة وأنها الدولة المهيمنة على الإقليم. ودول كثيرة تسعى أن تكون القوة المهيمنة على إقليمها، ولكن في العادة تكون هذه الدولة كبيرة في المساحة وعدد السكان والاقتصاد والقوة العسكرية.

أصبحت الولايات المتحدة القوة المهيمنة في الجزء الغربي من العالم مع نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، فلم تستطع القوى الإقليمية أو القوى العظمى من خارج الإقليم أن تنافس أو تحد من صعود الولايات المتحدة.

الصين هي الدولة العظمى في الباسفيك ولكن الولايات المتحدة تحد من توسع العملاق الصيني عبر تحالفات مع القوى الصغرى في المنطقة. الدول الأوروبية كانت تتصارع على السيطرة على أوروبا منذ قرون، وما الحربان العالميتان إلا نتيجة للصراع على سيادة أوروبا.

في حالة إسرائيل - كما حصل في الحروب النابليونية، حيث تحركت قوة أوروبية عديدة لإعادة التوازن والحد من صعود فرنسا وهيمنتها على أوروبا - ستحاول القوى الإقليمية للحد من التمدد الإقليمي لإسرائيل وإعادة التوازن في إقليم الشرق الأوسط.

إذا لم تتمكن القوى الإقليمية من إعادة التوازن فإنها ستتبع ما يسمى «بالتحوط الاستراتيجي». أي أن الدول الإقليمية لن تهادن ولن تعادي القوة الصاعدة، ولكن ستنسج شبكة من التحالفات خارج الإقليم لوضع حد من التوغل الإسرائيلي فيما لو حاولت بسط سيطرتها على المنطقة.

نهاية الحرب تشي إلى عدم إمكانية إسرائيل لتحقيق قدر كبير من أهدافها رغم أنها استطاعت تعطيل البرنامج النووي الإيراني إلى حين. كما أن النهاية تشير إلى توجس واشنطن من الانجرار إلى حرب طويلة، لهذا أصر الرئيس الأمريكي على تسمية الحرب حرب الاثني عشر يوماً، لطمأنة قاعدته الشعبية بأنه لم يورط الولايات المتحدة في حرب بلا نهاية.

كما يتهم أسلافه من الرؤساء. كما أنه يشير إلى حرب الستة أيام في العام 1967 والتي كانت الغلبة فيها لإسرائيل، بيد أن نهاية الحرب الأخيرة هي مثل نهاية حرب 1956، بداية مظفرة ونتائج غير محسومة.