تمكين القيادات الحكومية لمواكبة التحولات المستقبلية

تتحرك دولة الإمارات العربية المتحدة بخطى متسارعة نحو المستقبل، من خلال استراتيجيات طموحة واستثمارات كبيرة في اقتصاد المعرفة والذكاء الاصطناعي، وبالاستناد إلى رؤية قيادة حكيمة تخطط لريادة الإمارات في الأعوام الخمسين المقبلة.

ضمن هذه الرؤية والتوجهات يقع المواطن الإماراتي في قلب الاهتمام؛ لأنه هو من يقود هذه التحولات، وهو من سيعمل على تطبيق هذه الاستراتيجيات وتحويلها إلى منجزات على أرض الواقع.

ومن هنا كان التركيز على ضرورة إعداد أبناء الإمارات، ولاسيما العناصر القيادية منهم، وتأهيلهم للقيام بدورهم المنشود.

ومن يتابع المشهد الإماراتي خلال الآونة الأخيرة يلحظ بوضوح هذا التوجه الحكيم لتمكين وتدريب وتأهيل القيادات الإماراتية على مختلف المستويات لمواكبة التحولات التي تشهدها الدولة، وخاصة في مجال التطور التكنولوجي والذكاء الاصطناعي الذي سيكون هو نفط القرن القادم.

ويكفي هنا أن أشير إلى ثلاث مبادرات حدثت في أسبوع واحد لتأكيد هذا التوجه، المبادرة الأولى تمثلت في إطلاق «مكتب الذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي وتطبيقات العمل عن بُعد»، البرنامج التدريبي للرؤساء التنفيذيين للذكاء الاصطناعي في حكومة دولة الإمارات، بالتعاون مع جامعة «برمينغهام» في دبي، والذي يستهدف تأهيل نخبة من القيادات القادرة على توظيف الذكاء الاصطناعي بشكل فعال ومستدام، بما يسهم في تسريع التحول الرقمي الشامل، وتوظيف التكنولوجيا لتعزيز كفاءة الخدمات الحكومية.

المبادرة الثانية ركزت على تمكين المرأة الإماراتية من خلال البرنامج الذي أطلقته مؤسسة دبي للمرأة، تحت اسم «تمكين بلس» (تمكين+) الموجه لرئيسات اللجان النسائية في الدوائر الحكومية والقطاع شبه الحكومي، حيث يتضمن هذا البرنامج الذي تشارك فيه 19 قيادية إماراتية مجموعة من الأنشطة والدورات التدريبية المتخصصة في القيادة، والذكاء الاصطناعي، بهدف التفكير الابتكاري ومهارات اتخاذ القرار لدى القيادات النسائية.

أما المبادرة الثالثة، فكانت مخصصة لفئة الشباب، حيث تم إطلاق تحدي «المجتمع يجمعنا» ضمن المرحلة الأولى من مبادرة «تحدي 71 للقيادات الحكومية الشابة»، التي أعلن عنها سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، رئيس المجلس التنفيذي لإمارة دبي، في الاجتماعات السنوية لحكومة الإمارات 2024.

ويضم هذا التحدي، الذي يهدف إلى تفعيل دور القيادات الحكومية الشابة وبناء قدراتها في مجالات اتخاذ القرار والعمل الجماعي، 32 قيادياً إماراتيا شاباً من نخبة الكوادر الإماراتية في الجهات الحكومية الاتحادية والمحلية، تم اختيارهم من بين 45 مرشحاً وتوزيعهم على 6 فرق قيادية تتنافس في تطوير حلول مبتكرة لدعم الفئات المجتمعية الأكثر احتياجاً.

هذه المبادرات الثلاث التي تم الإعلان عنها خلال أسبوع واحد تعطي مؤشراً بسيطاً على تركيز الدولة على تأهيل وتدريب وإعداد العنصر البشري الإماراتي لقيادة مسيرة التحول نحو المستقبل، ومثلما كان رهان الجيل الأول من القيادة الرشيدة على الإنسان الإماراتي في قيادة مسيرة التنمية الشاملة خلال النصف قرن الأولى من عمر الدولة، فإن الرهان ذاته تضعه القيادة الرشيدة الحالية على ابن الإمارات لقيادة مسيرة التحول الرقمي وتحقيق الرؤية الطموحة بأن تكون الإمارات من بين الدول الرائدة عالمياً في قيادة الثورة الرقمية والتكنولوجية استعداداً لعالم ما بعد النفط.