في سنوات الثمانينيات كانت الأحياء السكنية تصحو باستمرار على خبر موت أحد الشباب ضحية جرعة زائدة، حدث هذا في الكثير من دول العالم، وقد بذلت الجهات الأمنية عندنا جهوداً مضنية لمكافحة هذه الآفة الخطيرة، وتوعية الناس بحجم آثارها المدمرة على الشباب والمجتمع!
بعيداً عن هذه الجهود التي تحرسها عيون ساهرة لا تنام ولا تكل ولا تمل، فإن هناك أنواعاً أخرى من الإدمان ليست أقل خطراً وضرراً. والإدمان يرتبط باعتماد البعض أو اعتيادهم على تناول مادة مخدرة أو مسكرة تسبب أضراراً جسيمة على صحة العقل والجسد وحتى مع اعتياد الشخص على هذه الأضرار، إلا أن اعتياد العقل والجسد على تأثيراتها يجعل التخلي أو البعد عنها أمراً يحتاج إلى تدخل طبي أو نفسي معين!
والحقيقة قد قصدت بحديثي أنواعاً أخرى من الإدمان تعد خطيرة ومدمرة هي الأخرى، وينطبق عليها ما ينطبق على المادة المخدرة والمسكرة، كإدمان القمار، ومواقع الإنترنت، والسوشال ميديا والموبايل وإدمان التسوق وغير ذلك، وهذه في الحقيقة وإن بدت توجهات جديدة نسبياً في حزمة ما يعرف بالأمور المدمن عليها، إلا أن آثارها لا تقل تدميراً عن المخدرات والقمار!
وهذا ما انتبهت له أستراليا مثلاً، فوضعت قانوناً ملزماً بتحديد عمر ما لاستخدام الإنترنت ومواقع البحث، تريد هذه الدول أن تحمي صحة أطفالها وشبابها من هذا التبلد أمام أجهزة الحاسوب أو الهواتف الذكية التي لا تفارق الأيدي، والتي كان من نتائجها أمراض عديدة في أعصاب الجسم ومناطق الكتف والظهر والذراعين، إضافة لاضطرابات النوم وآلام المفاصل بسبب طول فترة الجلوس وضبابية الرؤية والوهن العام، وهذه أمراض مكلفة تضغط على ميزانيات الفرد والأسر وأنظمة التأمين الصحي!
خطورة الإدمان تكمن في الوقوع فيه بنعومة شديدة وإحساس بالراحة والمتعة، أما حين يحاول الشخص النفاذ بجلده فإنه يواجه مشاكل صعوبة التأقلم أو القدرة على الإقلاع، من هنا تشتكي الأسر وكبار السن من إدمان أبنائها على الهواتف وانفصالهم عن أسرهم وأمهاتهم. إذن؛ هناك أمراض وهناك تفكك واغتراب وصمت وكسل وانعزال وتوحد.