ترتيب أرفف الكتب في المكتبات التجارية، والبضائع في محلات السوبر ماركت، أمور لا تتم اعتباطاً أو بحسب مزاج صاحب المكتبة أو الدكان، إنها ترتيبات مدروسة بدقة، وإلا فهل تعتقد أنه من باب الصدفة أن أي سوبر ماركت تدخله حول العالم يصف البضائع الاستهلاكية المحببة للجميع، وخاصة للأطفال، لصق المكان الذي نقف عنده لدفع قيمة مشترياتنا؟
إن أي متسوق سيقف طويلاً في هذا المكان بانتظار دوره، وفي أثناء الانتظار سيتسلى بتقليب نظره فيما حوله، وستمتد يده ويد أطفاله إلى علب العلكة والحلويات والشوكولاته والمصاصات الملونة، وحتماً ستضاف لعربة التسوق مبالغ لا بأس بها! هذا هو السبب في وضع هذه الأشياء المغرية في هذا المكان تحديداً.
في برنامج تلفزيوني، ظهرت الممثلة الأمريكية جوليا روبرتس وهي ترتدي عقداً رائعاً من الألماس، وجوليا ممثلة شهيرة تتقاضى ملايين الدولارات مقابل بطولة أي فيلم، سألها المذيع عن قيمة العقد، فطلبت منه أن يخمن السعر، فقال: نصف مليون على أقل تقدير، قهقهت روبرتس بتلك الضحكة الشهيرة وقالت: بل 200 دولار فقط!
إن نجمة مثلها لا يتوقع إلا أن ترتدي عقداً بهذا السعر، لأنها تستطيع، ولأن مكانتها تتطلب، ولأن أي شخص لن يتبادر لذهنه غير ذلك، وهذه ميزة الشهرة التي تدفع الآخرين لوضع تقديرات وفق ظنونهم بالمشهور. هذا يعني أننا نحن من نقرر قيمة الأشياء بصرف النظر عن السعر، فالقيمة هي جملة العائد عليك من فوائد، أما السعر فهو ما تدفعه لتنال ذلك الشيء.
الأشياء مهمة في حد ذاتها، ولأنها تعني للشخص المهتم بها أكثر مما نتخيل، ولذلك عليك أن تكون طفلاً لتفهم لماذا يصر الطفل على شراء المصاصة في حين ترفض والدته، التي تصر بدورها على شراء حقيبة باهظة في حين يرفض زوجها، الذي يصر بدوره على شراء سيارة دفع رباعية جديدة بينما ترى الزوجة أن السيارة ليست مهمة! ذلك أن القيمة مسألة تعود عليك أنت فقط، أما السعر فهو ما يجب عليك دفعه لتحظى بتلك القيمة، وغالباً فإن الشخص الذي يدفع السعر لا يشعر بتلك القيمة!