مكتبة دبي.. إنجاز وذاكرة

أجرت منصة ميدار، وهي واحدة من المنصات الإعلامية الإماراتية المهمة ذات الحضور الرصين والمؤثر في المشهد الإعلامي المحلي والعربي، لقاء مع الدكتور حنيف حسن قاسم، وزير التربية والتعليم الأسبق، والذي يعد واحداً من أبناء مدينة دبي، وله مسيرة طيبة في حقل التربية والتعليم، أوصلته لأن يكون أسـتاذاً زائراً بكلية القانون بجامعة هارفارد عام 1996، وعضواً مشاركاً في برنامج التدريب التنفيذي في هذه الجامعة العريقة.

يمتلك الدكتور حنيف، مثل كثيرين من أبناء دبي، ذاكرة غنية بالذكريات المرتبطة بإنجازات دبي في عهد المؤسس الأول لإمارة دبي، المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، طيب الله ثراه، ولعل واحدة من العبارات التي أكد عليها المحاور أثناء الحوار، القول إن دبي مدينة التجارة والموانئ والاقتصاد، اهتمت بالعلم والمعرفة منذ البدايات، جنباً إلى جنب مع اهتمامها وعنايتها بالاقتصاد والتجارة، ولا أدل على ذلك من هذا المبنى الجليل لمكتبة دبي العامة التي بنيت عام 1960.

لقد شكل بناء المكتبة ووجودها طيلة العقود الماضية دليلاً على أصالة هذه المدينة، وتجذر المعرفة والثقافة في تاريخها، وفكر مؤسسيها الأوائل، ما يدحض كل الأفكار المغلوطة والتقولات المبنية على غير أساس، من أن دبي مدينة نشأت لتكون سوقاً لبضائع العالم وللسياحة الاقتصادية، وهذا يظلم المدينة كثيراً، ويؤكد على جهل أصحاب هذه الأفكار.

ولعل هذا اللقاء الذي تقدمه لنا منصة ميدار ضمن حوارات كثيرة مع أبناء دبي لاستنطاق ذاكرتهم والنبش في مكنوناتها وكنوزها المعرفية، إنما يمثل سياسة متبصرة ومنهجية واعية لتوثيق ذاكرة المدينة والحفاظ على تاريخها، فهذه المباني القديمة الأولى (كالمكتبة العامة) ليست مجرد مبان من حجر فقط، وإنما هي في المقام الأول ذاكرة حقيقية للمدينة ولجهود قيادتها وأهلها في تلك السنوات البعيدة عندما كانت الموارد شحيحة، وبناء هكذا إنجازات يعد ضرباً من تحدي المستحيل عرفت به دبي دائماً.

أحسب أن هذا اللقاء مع الدكتور حنيف واحد من اللقاءات اللماحة والممتعة التي تحسب للمنصة ولرئيس تحريرها، حيث يقدم الكثير عن مدينة دبي عبر صوت أحد أبنائها، وحول إنجاز حقيقي نتمناه أن يبقى ماثلاً لا تطاله يد الهدم أبداً، لأنه جزء من ذاكرة دبي ومسيرة التحدي فيها.