لا يمكنك اليوم في كثير من دول العالم أن تبدي رأياً في ظاهرة ما تراها لا تتفق مع قيمك وما اعتاده مجتمعك، أو سلوك معين يخص فرداً تمادى في خرقه للسائد والمعتاد حتى تجاوز المسلمات والثوابت، لا تستطيع لأنك قد تخاطر بتعريض نفسك للمساءلة القانونية، وأقل ما ستوصف به أنك متنمر، معتدٍ على حقوق الآخرين، ومتخلف، فأنت إذا لم تبارك زواج المثليين أو انفصال المراهقين عن عائلاتهم أو ارتداء الشباب للأقراط... اعتبرت خارج سياق التقدم!
لقد كان هذا تياراً جارفاً أشبه بتسونامي سلوكي مختل، ومجافياً لأبسط قواعد الأخلاق والمنطق، وكان يجد دعماً من أكبر أنظمة الحكم في العالم قبل عامين من الآن، وكذلك من جانب منظمات حقوق الإنسان والكثير من أهل الفن، مع ذلك فإن هذه الموجة قد انحسرت خلال الفترة الماضية لأسباب نعلمها جميعاً، إلا أنها بلا شك قد خلفت آثاراً واضحة ما تزال تتبناها بيوت الأزياء والموضة العالمية، التي كانت البادئة بتشجيع هذا التوجه عندما بدأت بتمييع الفوارق بين الرجال والنساء منذ سنوات ليست بالقليلة!
لقد اخترعت هذه البيوتات العالمية التي يرتادها نخبة المجتمع وكبار الأثرياء مصطلح (يونيسكس) الذي ضم حزمة هائلة من العطور ومستلزمات التجميل والثياب والأحذية والساعات والإكسسوارات... وغيرها، بما يعني أنها تصلح لاستخدام الجنسين، فصار الرجال والنساء يستخدمون العطور نفسها ويرتدون الثياب نفسها بحجة أنه لا فوارق، وقد عزز ذلك الكثير من الممثلين والمغنين من أصحاب هذا الاتجاه! فكيف كانت النتيجة؟
لقد ظهر جيل كبير من الشباب يمشون على منصات وممرات عروضات الأزياء لا يمكن تمييزهم في ما إذا كانوا ذكوراً أو إناثاً، لقد اختفى شكل واختفت ملامح الرجل الحقيقي، الجذاب والوسيم لأنه رجل لا لكونه يشبه النساء، بملابس نسائية ومكياج وإكسسوارات وأقراط وأساور وحقائب نسائية! شكل مقزز لا يمت للرجولة ولا حتى للذكورة بصلة، والشباب المستهلك والمستلب أمام بريق الصورة يستهلك ويقلد ويتماهى مع ما يرى، حتى عم البلاء للأسف!
هل يمكن أن تعود صورة الرجل الحقيقي مجدداً للواجهة، الرجل الذي لا يتعطر بعطر زوجته ولا يرتدي أساور أخته ولا يضع قرطاً في أذنه؟