تعظيم المشاهير.. لماذا؟ 1-2

عندما توفيت واحدة من نجمات المسرح وهي في عمر متقدم، بدأ الذين يعرفونها ممن عاصروها أو تربطهم بها علاقة معرفة أو صداقة، يكتبون على صفحاتهم كلمات رثاء ومواساة يذكرون فيها دورها وأثرها وتأثيرها وشيئاً من سيرتها ونتفاً من فصول حياتها، فشعرت بأنهم كانوا قد نسوها زمناً ثم إذا بالموت يذكرهم بها فجأة، فيغشون أختام الذاكرة وصندوق الأيام ليخرج هذا صورة وتلك حكاية وذاك موقفاً... وهكذا مر موتها خفيفاً عليهم، قاموا خلاله بما يتوجب، ثم انقضى الأمر عند البعض، وبقيت غصة فراق من نوع ما في قلوب البعض منهم بلا شك!

هذا ما يحدث غالباً عندما يرحل المشاهير وخاصة من كبار السن، إلا أن ما لاحظته في الأيام الماضية مع تنامي ظاهرة فوضى دمية لا بوبو، أن هناك فوضى مشاعر وتوجهات تجتاح العالم، سمتها الرئيسية المبالغة في كل شيء، وهو توجه أو صفة ليست جديدة، إلا أن البحث عن رمز أو معنى ربما يكون مسيطراً على العالم في أيام الفراغ التي نعيشها حالياً لأسباب مختلفة.

وقد تجلت المبالغة في تعظيم الجماهير للمشاهير أو إشباع المشهور صفات العظمة على نفسه، فيتحدث عن نفسه وكأنه ليس من صنف البشر، ما يجعلنا نتساءل ألهذه الدرجة تنسي الشهرة أصحابها حقيقتهم، ومن هم وكيف كانوا قبل أن يتحولوا لأيقونات في عالم الشهرة؟ سمعت واحدة من مشاهير السوشال ميديا تقول لمحدثها: (بالعكس أنا أتعامل مع الناس بشكل عادي وأتحدث إليهم، وأمشي معهم في الشارع وأتسوق كذلك كبقية الناس)! فتساءلت: أكانت تطمع أن تكون لها أجنحة فتطير بها دون أن يراها أحد ودون أن تكلم الناس!

صحيح أن الطبيعة البشرية وتركيبة المجتمع المعاصر، وفقدان المعنى والإيمان، دفع كثيرين لقناعات عجيبة، وحرف نظرتهم للشهرة والمشاهير، بل ودفعهم للاقتتال لأجل الحصول على دمية، إلا أن لذلك أسباباً جوهرية بلا شك، حتى وإن لم تكن جديدة، لكنها أخذت أشكالاً جديدة في عصر السوشال ميديا كأن يقول أحدهم راثياً تلك النجمة: «وكانت تحدث الناس كأي إنسان عادي متناسية عظمتها ومن تكون»!!