كيف تختار كتاباً تقرأه

عثرت بطريق الصدفة على صورة لسيدة تبحث عن كتاب بعينه، على ما بدا لي، بين عدد كبير من الكتب في معرض للكتب القديمة، في أحد شوارع مدينة أوروبية، وتحت الصورة كتبت تلك السيدة:

ربما لا يستطيع كتابٌ أن يغيّر العالم، لكنني على يقينٍ بأنه قادرٌ على أن يترك دفئاً في قلب أحدهم، والحق أنه لم يكن هناك يوماً ذلك الكتاب الوحيد الذي غيّر العالم ذات يوم، لكنّ هذا الكتاب الوحيد متى كان جيداً بما فيه الكفاية، ويستحق أن يقرأه الجميع بالفعل، ستظهر نتيجته بمرور الوقت بلا شك، ونتيجته لن تكون إقامة مملكة أو تغير أنظمة، ولكنه سيجعل القلوب أكثر رقة وإنسانية، وهذا كفيل بأن يجعل العالم مختلفاً.

إن الكتاب الذي يكتبه شخص في آخر الدنيا، أو منذ قرون، فيقرأه غريب، وحيد، في مدينة أبعد مما يظن ذلك الكاتب أن أحداً سيقرأه فيها، وسيؤمن به ويتأثر، بل ويتغير بسببه، ذلك الكتاب هو بلا شك الكتاب الذي كانت تبحث عنه تلك السيدة بين آلاف الكتب.

السؤال الذي ستبدأ في توجيهه إلى نفسك، بعد مضي تاريخ من القراءة: أياً من هذه الكتب الكثيرة جداً والمتوافرة بكثرة وفي متناول اليد، هو ذلك الكتاب؟ كيف ننجو من الشراء العشوائي للكتب والشراء الطفولي، الذي يلجأ إليه الكثيرون في بدايات رحلة القراءة، فيختارون الكتب لأسباب لا أساس منطقياً أو مدروساً لها.

يمثل شكل وألوان الغلاف، العنوان وموضوعات الفهرس.. من الأسباب العشوائية التي تؤسّس للكثير في تجربة القراءة، لكنها قد تبدو مقبولة في مرحلة الاستطلاع والفصول الأولى، أما أن تظل دائماً فأمر غير مقبول، وأظنه غير متوقع، فالقراءة معرفة، والمعرفة طريق متحقق نحو الوعي، وهذا هو ما يجعلنا في النهاية نعرف ما الكتب الجديرة بأن نبحث عنها.

سألت صديقتي بعد تجربة قراءة طويلة حول طريقتها في اختيار الكتب التي تقرأها، فقالت نوعية الموضوع الذي يعالجه الكتاب، إذا كان الكاتب محل ثقة، وأعرف إنتاجه جيداً، الإشادات النقدية الجادة، أن يكون قد حظي بقراءات واسعة وجوائز. لكن ليست قوائم البيست سيلر معياراً معتمداً!