المثقف بين الدعم والإهمال!

هناك العديد من الأسئلة التي يطرحها المبدعون الإماراتيون على مسؤولي الثقافة في المجتمع، الذين يفترض بهم تنفيذ سياسات واستراتيجيات الدولة التي تتبنى نهجاً داعماً للثقافة والمثقف والإبداع والمبدعين بكافة تخصصاتهم، لأن المواطن، كما أراد وقرر المؤسسون الأوائل لهذا الوطن، هو الأساس، وهو الأول والأولى بالاهتمام والاحتضان والتمكين والدعم، فإذا كان مبدعاً كان دعمه واجباً ومستمراً.

نحن نعلم أن دولتنا فتية، لكننا نعلم أيضاً أن عملنا بقوة وإخلاص مكننا من أن نقلص الفوارق ونبني دولة مزدهرة قوية، والمثقف الإماراتي هو ابن هذه الدولة، مخلص لها ومؤمن بها، لكنه قبل ذلك هو ابن هذه الأرض، يعرفها أكثر من غيرها، ويحبها أكثر من الجميع، وهذا مما لا شك فيه حتماً، والدولة لم تقصر معه يوماً، بدءاً بالتعليم وانتهاء بالدعم والتشجيع والتكريم بأرفع الأوسمة، لكن يبقى في داخل هذا المشهد الجميل، تفاصيل تستحق أن يلتفت ويصغى لها.

الفنانون التشكيليون، الكتّاب، الروائيون وكتاب القصة والشعراء والمسرحيون وجامعو الموروث الشفاهي والموسيقيون والنقاد، وكتاب المقالات وأدب الرحلات و... وغيرهم هؤلاء لا بد من تواجدهم باستمرار وفي كل محفل ومنصة ومنتدى ونشاط، هذا حق وواجب لا يجب أن نتهاون فيه أبداً، وعندما نقول الجميع، فإننا نعني الجميع، على أساس الأقدمية والكفاءة والحرفية ومستوى وعمق المنجز، بعيداً عن أي اعتبارات أخرى لا تمت لكل هذا بصلة.

فمثلاً تقام معارض الكتب والمنتديات والمؤتمرات وترسل الدعوات الرسمية للحضور والإقامة لمثقفين من شرق العالم وغربه «وأهلاً وسهلاً بالجميع»، لكن لماذا لا ترسل دعوات مشابهة لكل مثقفي الإمارات لحضور هذه المحافل الدولية؟ لماذا يكتفى بإيميل عام مغفل الاسم أحياناً، وكأن حضورهم لا أهمية له؟ لماذا يتم التركيز على أسماء وأشخاص بعينهم تتكرر أسماؤهم ووجوههم دائماً؟

إن عدم إبراز المثقف وتسويقه والإضاءة عليه بقوة عبر الحضور القوي والمكثف وعبر اعتلائه منصات الجوائز وتقديمه في كل المنتديات والمحافل والمؤتمرات لا يخدم استراتيجية الدولة ولا برامجها الداعمة للثقافة ولا المثقف.. نحتاج لوقفة مراجعة لأن صورة المثقف هي صورة المجتمع ورسالته للداخل والخارج، ولا بد من التنبه لذلك.