لذلك كانت أندية القراءة هي المعبّر الأمثل عن ذلك. ولذلك فالبحث في اندفاع النساء نحو أندية القراءة لا يمكن فصله عن سياقاته الاجتماعية، ففي ظل التغيرات الاجتماعية وانتشار التعليم وإلزاميته، أصبحت الثقافة وسيلة تمكين للنساء، سواء على مستوى الفكر أو الشخصية.
ولا شك أن القراءة تفتح أمامهن أبواباً جيدة للتعبير، والاستقلالية وفهم الذات، والخروج من الصورة التقليدية المنكفئة أو الصورة الاستهلاكية الفارغة معاً. نحن إذن أمام شكل آخر للتمرد، ولكنه تمرد في اتجاه محمود وإيجابي.
وهذه الخصائص غالباً ما تنسجم مع طرق التواصل التي تميل لها النساء أكثر، بعكس الثقافة الذكورية التقليدية التي قد لا تعطي وزناً كبيراً لهذه المساحات، ثم تأتي السياسات الثقافية الحديثة في دول الخليج لتقدم دافعاً أقوى وأكثر جذباً، فمعلوم أن دول الخليج، وخاصة الإمارات، قد ضاعفت استثماراتها في البنية التحتية الثقافية:
المكتبات، معارض الكتب، الجوائز الأدبية، المهرجانات والمنتديات الأدبية، ورش للكتابة، وكلها مفتوحة للنساء على نطاق واسع، كل هذا خلق بيئة مشجعة جعلت القراءة جزءاً من الحياة اليومية وليس مجرد ترف نخبوي. والأهم هو أن الثقافة لم تعد مرتبطة فقط بالنخبة أو بالرجال بل أصبحت شأناً «يومياً»، يمكن ممارسته بسهولة، والانخراط فيه بشكل اجتماعي، وسط تشجيع إعلامي ومؤسسي.