الحياة وسط الانهيارات!

مدينة بأكملها صارت تنام على الأرض، بناياتها، بيوتها، مساجدها، أسواقها، شوارعها، مدارس الأطفال، الدكاكين، المقاهي... كل شيء صار مجرد ركام يسيل لعاب شركات المقاولات، حين تظهر على شاشات التلفزة وهي دائماً ما تظهر على هذه الشاشات.

في وسط الخراب، وبعد أن توقفت آلة الحرب عن مهمتها في حصد الأرواح، خرج الأطفال والنساء والرجال أو من تبقى منهم ليحتفوا بما تبقى من الحياة، وسط كل هذه الانهيارات التي حين يتحدث عنها الذين رأوها رأي العين، يصفونها بالجحيم أو القيامة، ومع ذلك فالحياة دائماً ما تجد لنفسها جذراً تمده بكامل طاقتها لتمتص رحيقاً في مكان ما تحت طبقات الأرض، لتتنفس وتواصل البقاء.

هؤلاء المقاومون لا يريدون أن يراهم العالم أبطالاً أو خارقين، ولكنهم يريدون أن يفهموا هذا العالم أنهم بشر، لهم ذات الحقوق ونفس الاحتياجات، ولهم في الحياة حق، فإذا فهم فقد تحققت نصف المهمة، مهمة أن يكون العالم إلى جانبك وليس إلى جانب المجرم! وقد كان ولأول مرة ربما!

وكما يحدث مع الشعوب، يحدث الأمر نفسه مع التجربة الفردية، مع المرأة والرجل حين تنهار الحياة من حولهما بشكل من الأشكال، ففي الليلة نفسها التي فازت فيها الممثلة البريطانية إيما تومسون بجائزة الأوسكار عام 1992 كان زواجها ينهار وبيتها يطير كورقة في مهب النهاية، وزوجها يرحل للارتباط بامرأة أخرى. في تلك الليلة البهيجة عادت إيما إلى منزلها وهي ما تزال ترتدي فستانها الأنيق، وجلست وحدها تبكي وتأكل بطاطس مقلية بصمت ودموعها تملأ عينيها، وحين بزغ فجر اليوم التالي بدأت تكتب.

كانت إيما آنذاك حبيبة البريطانيين، امرأة ذكية وموهوبة تتمتع بحس كوميدي راقٍ، وكان النقاد يصفونها بأنها «أذكى امرأة في هوليوود».

حققت نجاحاً كبيراً في فيلم «العقل والعاطفة» الذي أدت فيه دور البطولة، وكتبت هي بنفسها سيناريو الفيلم.

لكن ما لم يكن أحد يعرفه أن الانكسار الذي في قلب الفيلم لم يكن خيالاً فنياً، بل وجعاً حقيقياً جاء من أعماق حياتها الشخصية، كافحت كثيراً ليفهم الناس أنها قوية بما يكفي وليست مجرد ممثلة جميلة فقط، وهذا ما كان، ولكن بعد سنوات من الكفاح