ثلاثة أندية قراءة ناقشت مجموعتي القصصية الأولى، مشكورة، وثلاثة أخرى وجهت لي دعوات لمناقشات قريبة، والخبر ليس في ذلك، ولكن في أن كل هذه الأندية تديرها وتنشّطها وتمثل 99% من أعضائها نساء، سيدات، ربات بيوت، أمهات، موظفات، ولديهن ما يكفيهن ويفيض عن الوقت والطاقة من الانشغالات والواجبات.
ومع ذلك جعلن من الكتاب والقراءة انشغالاً ومسعى لا يتهاون في القيام بالتزاماته كاملة، والتزامات القراءة لو تعلمون عظيمة جداً، وخاصة في زماننا هذا.
في كل النقاشات التي جرت في هذه الأندية المنتشرة في مدن الإمارات كانت كل السيدات بلا استثناء مناقشات متمكنات، وقارئات على قدر كبير من الوعي والتمكن بأساليب النقاش والاستدلال والربط،، كما أنهن يمتلكن قدرات حقيقية على المحاججة والملاحظة وإبداء الرأي والدفاع عنه، لم أجد سيدة حضرت أي مناقشة دون أن تكون مستعدة لجلستها وحريصة على اقتناء الكتاب وقراءته من الألف إلى الياء، كان يحكمهن شغف القراءة بشكل واضح.
يبدو السؤال: لماذا تهتم النساء بالثقافة أكثر، وتنتمي لمجتمعات وأندية القراءة برغم كثرة الواجبات والانشغالات، وبرغم وفرة البدائل الأكثر سهولة لقضاء الوقت؟ وبتخصيص أكثر، لماذا نجد المنتمين لصالونات القراءة في الإمارات والوطن العربي معظمهن من النساء؟
إنه سؤال يحتاج إلى شيء من الالتفات؛ لأنه مرتبط بتحولات اجتماعية وثقافية عميقة شهدتها وما زالت تشهدها مجتمعات الخليج في العقود الأخيرة. وفي ظني أن هناك عوامل بلا شك تفسر هذا الاهتمام المتزايد من النساء بالثقافة، ونوادي القراءة خاصة، أعمق من مجرد رغبتهن في قضاء أوقات الفراغ؛ لأنه لا فراغ في الحقيقة، ولأن التنقل في فضاءات المكان ليس بالبساطة وسط الزحام الذي يعاني منه الجميع.
سأحاول الإجابة انطلاقاً من تجربتي الشخصية في هذا المجال، ورغبة مني في فحص ظاهرة أجدها تتنامى بشكل إيجابي وسريع، دون أن تجد ما يكفي من الدعم الضروري من قبل المثقفين أولاً، ومؤسسات الثقافة الرسمية ثانياً، وأخص وزارة الثقافة وهيئات الثقافة المحلية تحديداً.