كل محاولة ينتهجها شخص رجلاً كان أو امرأة للتلاعب العاطفي بالآخر، لجعله يرتبط به ارتباطاً لا يستطيع أو لا يحاول الخلاص منه رغم الأذى الموجه له، فيبقى محتملاً هذا الأذى طويلاً رغم أن كل شيء ينهار فيه وحوله.
هذه الحالة تسمى في مصطلحات علم النفس السلوكي «متلازمة ستوكهولم العاطفية»، لكنها عملياً هي محاولة قتل بطيئة وممنهجة مع سبق الإصرار من قبل شخص يفترض إيداعه المستشفى للعلاج بدل إطلاقه بين الناس!
هذه المتلازمة ليست بعيدة عن «متلازمة المرأة المعنفة»، وهي المرأة التي تتعرض للإيذاء المستمر لفظياً وجسدياً ومعنوياً حتى تفقد الثقة بنفسها، فلا ترى لنفسها قيمة، ولا لجمالها أثراً، ولا لمواهبها وجوداً، حتى يصل بها الأمر إلى القبول بالاستغلال والإهانة، إن في البيت أو في العمل أو الحياة عموماً، وهذا هو مكمن الخطر والهدف من التعنيف!
ذلك أن من يمارس الاستغلال والتعنيف المستمر على شخص أو أشخاص تحت إمرته أو مسؤوليته أو رعايته إنما يهدف من وراء ذلك إلى إفقاد هؤلاء الثقة في أنفسهم، وبالتالي كسر كرامتهم ونظرتهم العالية لأنفسهم.
ورغبتهم في الدفاع عن النفس رفضاً للظلم، هو يريدهم مستسلمين بلا ممانعة، وهذا لا يكون إلا مع أشخاص كسرت نفوسهم في الصميم، هذا يعني أن الزوج النرجسي مثلاً يمارس نرجسيته بوعي وإدراك شديد، ويعلم نتائج سلوكه تماماً، فهو وإن كان غير سوي إلا أنه ليس مجنوناً!
إعلانات طلب المساعدة التي تبثها مكاتب ومراكز مكافحة التعنيف والاستغلال هي صرخة في وجه النساء القابلات للاستغلال قبل أن تكون في وجه الأشخاص المستغلين، لأن الذي يقوم بالتعنيف يعي ما يقوم به ولماذا، أما الكثير من النساء فللأسف لا يعلمن أنهن يرمين بأنفسهن إلى التهلكة بهذا الصمت، وهذا القبول،
فكثير منهن يخرجن من هذه العلاقات معطوبات، وبحاجة لعلاج نفسي مكثف، كاللواتي يخرجن من صدمة قاسية أو من حادث فقدان ذاكرة أو من إدمان مثلاً! والحقيقة فإن الزوج ليس الوحيد الذي يستغل أو يعنف المرأة، فالكثير منهن يتعرضن للابتزاز والاستغلال المهلك من جانب الآباء والأمهات والأخوة والأبناء.. للأسف الشديد!