علمتني الحياة (مواجهة الذات) "4- 5"

تخيل أنك تقف على أعتاب الخمسين أو الستين من عمرك، وقد قضيت حياتك مكافحاً مجتهداً، بذلت قدر استطاعتك، وتحديت الكثير من الصعاب والأزمات، سقطت ونهضت، جرحت وحزنت وتعافيت وابتسمت، أنت تعلم بأنك إنسان فيك كل ما في الإنسان من ضعف وقوة، لكنك مع ذلك تمتعت بالتواضع وبالثقة في الله.

فماذا إذا التفتّ إلى الوراء ورأيت نفسك طفلاً في العاشرة، ما الذي ستقوله لذلك الطفل؟

هذا السؤال العميق وجهه أحد الصحفيين النجباء، كما وصفه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، في كتابه «علمتني الحياة»، قائلاً: إذا رأيت محمد بن راشد في سن العاشرة ماذا ستقول له؟ والحقيقة فكلنا نحتاج أن نتأمل في هذا السؤال ولو استطعنا أن نجيب عليه، فسنخرج بدروس عظيمة لأنفسنا أولاً، وللطريقة التي تعاملنا بها مع رحلة الحياة الاستثنائية التي قطعنا وربما خرجنا في النهاية بما يستحق أن يدوّن ويترك ميراثاً لأبنائنا.

لقد نال السؤال إعجاب صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، كما ذكر، وظل يفكر فيه، وقد كتب إجابته في صفحات هذا الكتاب.

يقول: «كنت سأنظر في عينيه، وأقول له: محمد، أمامك رحلة مدهشة، مذهلة، وعظيمة، وحياة مليئة، متنوعة واستثنائية، لقد جئت في الوقت المناسب، وفي الظروف المثالية، وفي المكان النموذجي.. فاحذر من تضييع الأوقات، وتبديد الطاقات».

لا بد أن نؤمن دائماً أن لا شيء يحدث عبثاً، وأن كل إنسان مسخر لما خلق له، وأن الذين يدركون ذلك جيداً هم من يتحكمون في مجريات حياتهم، ويوجهون مصائرهم الوجهة الصحيحة، فيعدون العدة لهذه الرحلة العظيمة، وأول العدة هم الرفاق، يقول صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد: سأقول لمحمد: «اختر من يكونون معك بعناية، ولكن لا تسلم عقلك لأحد، فكل شيء تحتاجه مزروع فيك، وأن أقوى ما تملكه ستكون أحلامك، لا تتنازل عنها».

«محمد: كن جريئاً وكريماً مع الناس، عنيداً أمام الظروف، وقوياً أمام العالم.

ولا تضيّع وقتك في انتظار أحد، ثق في الله، وثق أنك ستصل، ولا تتوقف عن المحاولة، عندما ستصل ستدرك أنك عشت حياة مذهلة، مدهشة، ورائعة».