علمتني الحياة (الإرث) (2- 5)

«إن أفضل إرث نتركه ليس الأموال، ولا العمران والبنيان، بل الحكمة الحقيقية، والمعرفة النافعة، والكلمة الطيبة التي تتجاوز حدود الأزمان والأوطان، ويستفيد منها القاصي والداني».

لقد كانت الحكمة والمعرفة والكلمة دائماً، وعلى امتداد تاريخ البشرية، الإرث الباقي والأزلي في كل الحضارات والدول، هي التي عرفت العالم بتاريخ وحضارات الأمم، وحفظت تلك الإنجازات عبر الزمن، أما الأموال والبنيان والعمران فقد تلاشت، وحتى ما بقي منها اليوم ظل يحمل آثار جهد الإنسانية وخلاصة أفكارهم ومبادئهم، نرى ذلك في أهرامات ومسلات قدماء المصريين، وفي قصور حضارة العرب في الأندلس، وألواح السومريين. الحكمة والتاريخ والمعرفة هي ما يبقى وما يشكل فارقاً بين من عاش ليعطي ويفيد الآخرين، ومن عاش لنفسه وملذاته وللعبث والتدمير.

ولأجل هذه الخلاصة الجليلة كان هذا الكتاب (علمتني الحياة) الذي جاء تتويجاً وثمرة لـ60 عاماً من العمل العام في السياسة، سياسة الناس والحكم وسياسة الحياة.

ستون عاماً وإن مرت سريعة وخاطفة، رغم تحدياتها وإنجازاتها وأزماتها ومفاجآتها وأحزانها وأفراحها، إلا أن ما تحقق خلالها لا يمكن أن يمر وينسى، فقد تأسس فيها هنا على هذه الأرض ما يستحق الفخر دائماً: حياة ورفاهية وإنجازات ودولة أصبحت حديث العالم، هذا هو الإرث العظيم الذي نفخر به جميعاً اليوم، وسيفخر به أحفادنا وكل الأجيال الآتية.

يقول الحكماء إن من يعرف نفسه يعرف حدوده، ويمتلك مفتاح الحكمة فيسعى نحو حياة صحيحة له ولمن حوله. ولذلك كانت (اعرف نفسك) هي حكمة الفيلسوف سقراط المنقوشة على معبد أبولو في اليونان، ومن هنا جاء في (علمتني الحياة) لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، «المعركة الأكبر التي يخوضها الإنسان هي المعركة الداخلية، وإن التحكم في النفس هو الطريق للتحكم في عالمك وضبط إيقاع الحياة في محيطك».

لعل أكبر درس تعلمته أنني لست كاملاً «إن من يؤمن بذلك حقاً، هو الوحيد الذي يتعلم ويتطور وينمو ويكبر ويحب ويكره ويقوى ويضعف ويتغير باستمرار»، هذا هو الدرس الأكبر الذي يقوله لنا صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد في كتابه الملهم.

علمتني الحياة (1- 5)