لائحة ما نحب.. وما نرغب؟

رواية «لائحة رغباتي» للكاتب الفرنسي غريغوار دولاكور من الروايات التي أتذكر أنني قرأتها منذ أكثر من عشرة أعوام، ربما كانت الرواية المدخل الذي ولجت من خلالها لعالم أندية الكتب، وغيرت لديّ مفهوم القراءة من فعل فردي إلى فعل جماعي، كان ذلك في العام 2014 عندما انضممت لبحر الثقافة كتجمع قرائي، له مكانته في تجربتي في هذا الإطار.

أعود اليوم لاسترجاع الرواية، وأنا أتحدث عما أسميه قائمة ما نحب، أو لائحة تفضيلاتي في الحياة، فبطلة الرواية «وهي بالمناسبة رواية فلسفية عميقة تستحق الاطلاع والاحتفاء كعادة الفرنسيين في أدبهم» تدور حول سؤال وفكرة، أما السؤال فهو ما طرحته البطلة «الفقيرة التي تعمل في محل خياطة وتفوز فجأة بجائزة يا نصيب قيمتها 18 مليون يورو» وكان سؤالها: ما الذي أريده فعلاً من الحياة؟

للإجابة تكتب جوسلين لائحة رغبات تضمّنها أشياء صغيرة وبسيطة تسعدها مثل تلفزيون بشاشة كبيرة لزوجها، مصباح لمدخل المنزل، أقمشة جميلة، حياة مستقرة، رحلة للجنوب، فستان أنيق.

أما الفكرة التي تناقشها الرواية فهي: هل المال يجلب السعادة؟ أم أن السعادة في القناعة بما نملك؟ وهي فكرة أزلية ناقشتها الفلسفة والديانات والكتاب والمفكرون وعلماء النفس والاجتماع والإعلاميون.. ولم يتفقوا على رأي حولها!

والجوهر كما تدلنا الرواية من خلال تطوراتها هو أن الثراء المادي قد يهدد التوازن البسيط الذي يمنح الحياة معناها، كما يهدد العلاقات بين الناس حتى أقرب الناس، الثراء يمكنه أن يكشف عن أقبح وعن أجمل ما في البشر، وأن الطموحات الكبرى أحياناً أخطر من الرضا البسيط.

باختصار: الفكرة التي تدور حولها الرواية هي المفاضلة بين السعادة البسيطة التي نصنعها من القناعة والرضا، وبين إغراء المال والرغبات الكبيرة التي قد تدمّر ما هو أثمن.

إننا لو تفحصنا اللائحة التي كتبتها لرغباتها ورغبات عائلتها الصغيرة فسنجدها رغبات يوميّة وبسيطة، تظهر أنّ ما تُحبّه المرأة أو أي شخص في الواقع ليس رفاهية باهظة بل تفاصيل صغيرة وضرورية تمنحهم السعادة، لكن الثراء المباغت يمكن أن يقلب الطاولة في وجه الحياة كلها أحياناً!