فلسفة التباهي!

من يعتقد أن الاتجاه نحو التباهي بالمظاهر والممتلكات (المقتنيات الشخصية، السيارات، الثياب، أنماط المساكن، جهات السفر، الفنادق ودرجات الطيران العالية... الخ) يخص وقتنا الراهن والبشر الذين نحن ومن حولنا وملايين غيرنا، سلوك حديث، له علاقة بصعود نجم السوشال ميديا والتوجهات الرأسمالية وتحويل كل قيمة إلى مجرد مظهر وسلعة مادية، فهو مخطئ حتماً.

ربما زاد التوجه عن حدوده وربما طفح الكيل بما نراه ونسمعه، لكن الظاهرة موجودة دائماً، لم تختفِ، بسبب صعود الطبقة الوسطى الجديدة في كثير من المجتمعات، مع تزايد فرص وأبواب الثراء أو الإثراء السهل إن صح التعبير، ففي العديد من المجتمعات الحديثة صار هناك الكثير من فرص العمل والوظائف التي أنتجتها التكنولوجيا الحديثة، والمؤسسات المستحدثة مصحوبة بدخول عالية قياساً لسنوات ما قبل التسعينيات، والأمر ينطبق على دول الخليج وبعض الدول الأخرى، لأسباب تعود للازدهار الاقتصادي، لذلك أصبح الاستهلاك وسيلة لإثبات المكانة الاجتماعية، والظهور وسط المجتمع بأدوات ووسائل تسهل الانضمام لطبقات معينة!

وحتى الطبقات الأقل دخلاً، أصبح لديها نفس الطموح في الانضمام للطبقات الأعلى والأغنى، وربما لا نبالغ إذا قلنا إن اللجوء للمظاهر الواضحة ذات الدلالة كالسيارات الفخمة والمقتنيات الغالية و... الخ أصبح طريقاً للتباهي بالمظاهر (وتحقق الهدف) وتعويض الشعور بالنقص الاجتماعي!

إن منصات ذات جماهيرية عالية وكونية ربما، تعتمد على الصورة البراقة (والخادعة جداً أحياناً) مثل إنستغرام وتيك توك غذّت «ثقافة التباهي والاستهلاك» الصوري أو عبر الكثير من الصور، حيث يُقاس انفتاح الشخص وغناه ونوعية الطبقة التي ينتمي لها بما يعرضه من صور تمثل حياته وتنقلاته وممتلكاته و.. الخ. فالكل في سباق لإظهار أفضل ما يستطيعون لإعطاء هذا الانطباع عن أنفسهم حتى وإن كان غير حقيقي!

إن السؤال الذي يتردد دائماً حول اندفاع الناس نحو المظاهر وتزايد هذا الاتجاه نحو التباهي، نجد تفسيره من خلال التعمق في نظريات علم الاجتماع وعلم النفس ودراسة التحولات الاقتصادية والثقافية، حيث لا تتم سلوكيات وتحولات الناس بمعزل عن كل ذلك!