من الواضح جداً أن هناك استراتيجية لم تعد خفية ولا مجهولة، بل واضحة تماماً، في خضم هذه الفوضى الجبارة التي نعيشها، استراتيجية تتسق تماماً مع المشهد والنغمة الإعلانية عالية الصوت عن الحرب الشاملة التي تقف على أعتابها منطقة الشرق الأوسط، ليس آخرها بطبيعة الحال تصريح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، يوم الخميس أول من أمس في مدينة قازان.
ففي مدينة قازان الروسية قال بوتين في خطابه أمام قمة بريكس: «لقد امتد القتال إلى لبنان، وتأثرت دول أخرى في المنطقة أيضاً، إن درجة المواجهة بين إسرائيل وإيران ارتفعت بشكل كبير، وكل هذا عبارة عن ردود فعل متسلسلة تضع الشرق الأوسط بأسره على شفير حرب شاملة».
وهنا لا بد من وضع المتحدث في حجمه الطبيعي، وأخذ كلامه على هذا الأساس، إنه الرئيس الروسي الذي تخوض بلاده مواجهة شرسة مع أوكرانيا، وهي ليست مواجهة بين دولتين بقدر ما تضع أوروبا والولايات المتحدة وروسيا في حالة حرب يمكنها أن تزداد حدة فتتحول إلى حرب عالمية أخرى، لولا أن الأطراف الفاعلة في هذه (اللعبة) متحكمون حتى الآن في توازناتها! دون أن ننسى كذلك أن روسيا، التي يحذر رئيسها من حرب شاملة في الشرق الأوسط، هي عضو دائم في مجلس الأمن الدولي، وتمتلك حق النقض الفيتو ضد هذه الحرب، لو أرادت!!
الحرب في الشرق الأوسط مشتعلة منذ عقدين من الزمان وليست اليوم، فكم حرب توالدت ودمرت وأكلت الأخضر واليابس، حروب الخليج، الحرب العراقية الإيرانية، الحرب ضد العراق واحتلاله، الحرب على لبنان، المنظمات والحركات الإرهابية التي عاثت فساداً (القاعدة وداعش وغيرهما) حروب ميليشيات إيران.. إلخ.
أما اليوم فنحن في خضم معركة شاملة تم التحضير لها منذ سنوات كما هو واضح، حرب تطهير وإبادة عرقية، حرب خلط أوراق وفرزها لصالح قوة وحيدة في المنطقة، حرب إعلامية تستهدف التشكيك في الأنظمة الحاكمة واتهامها بتهم حقيرة، ومحاولة ضرب العلاقة بين أطياف المجتمع وبين المواطن ووطنه.. لزعزعة الأمن والاستقرار.. ما نعيشه أكثر من خطير ونحن في عمق الحرب، وليس على شفيرها!