ليست مجرد إعلانات

تحبون قراءة الإعلانات؟ حسناً، أعلم أن هناك الكثير ممن تستهويهم الإعلانات بشكل عام، فإعلانات الصحف تحديداً فيها من الطرائف والمعلومات الشيء الكثير، كما أنها يمكن أن تستخدم لقراءة تطورات وتحولات المجتمع من خلال نوعية اللغة المستخدمة ونوعية البضائع والأشياء التي يعلن عنها والتي تكشف عن اهتمامات واحتياجات الأفراد، كما أن لأنماط الترويج علاقة ماسة بدرجة تمدن المجتمع ووسائل الإعلام والقوانين السائدة فيه..الخ! أذكر أنني عندما كنت طفلة في المدرسة الابتدائية، كانت جدتي تذهب بي إلى قريبة لها في الشارقة، كان ذلك في نهاية سنوات السبعينيات، وكان الطريق بين دبي والشارقة يبدو لي طويلاً جداً في تلك السنوات، لكن ذاكرتي لا تزال معبأة بمنظر لوحات الإعلانات الكبيرة المغروسة على جانبي ذلك الطريق الطويل، كنت أمضي الوقت في الفرجة على لوحات الإعلانات وعدها وقراءتها، اليوم وأنا أقطع الطريق نفسه في بضع دقائق أفكر في تلك اللوحات الضخمة المثبتة في الأرض وأشعر بحنين إلى تلك الأيام! لقد مرت الإعلانات بتاريخ طويل ومتقلب بحسب تطور وسائل الإعلام والإعلان، والتكنولوجيا، وبالتأكيد بحسب احتياجات الناس وتطور الأسواق والبضائع وثقافة الاستهلاك التي تخترع وتطور كل لحظة أدوات الإغراء والجذب التي تستحوذ بها على عقول واهتمامات الجماهير.

وبعيداً عن كل ذلك فالإعلان ناقل حقيقي وصورة حقيقية لتطور ذائقة واهتمامات وذهنية الناس، وكيف يفكرون ويعيشون، حتى إنه يمكن أن ينطبق عليها المثل (لكل زمان دولة وإعلانات)! نقل أحد الباحثين عن صحف جمهورية الأوروغواي الصادرة في عام 1840 (وبعد 27 عاماً من إلغاء العبودية) هذه الحزمة من الإعلانات: للبيع: - زنجية نصف مهجنة تباع بمبلغ 430بيزوسا تعرف مبادئ الخياطة وكي الثياب.

- أطباء وصلوا حديثاً من أوروبا.

-عربة ستباع بسعر 500 أو مقابل زنجية.

- زنجية عمرها 13 أو 14 عاماً تعرف مبادئ الخياطة

- مرضعة تباع دون نسل، لديها حليب كثير وجيد.

- أسد مروض ككلب يأكل أي شيء.

- بيانو وقطع أثاث أخرى وكلها بأسعار معقولة!

وتصور نفسك تقرأ إعلاناً عن بيع إنسان في السوق أو طبيباً أو مرضعة، أي تاريخ عبرته الإنسانية عبر صفحة إعلانات؟