هناك فرضيات أو بروتوكولات في كل العلاقات التي تسيّر حياة الناس، بعضها متعارف عليه ضمنياً بين الناس دون أن يكتبوا أو يتفقوا عليه بشكل علني، لكنهم يعرفونه ويتوارثونه ويحافظون عليه ويحفظونه، كمنظومة الأعراف والتقاليد وطريقة تسيير العلاقات وطبيعتها بين الناس وما توجبه وتستلزمه هذه العلاقات مما يسمى بالحقوق والواجبات، وهذا لا يكفي وحده، لأن ما هو أكثر أهمية هو أن نعلم أبناءنا ونورثهم هذه الفرضيات والبروتوكولات طالما لا تتعارض مع أنماط العلاقات والمصالح ولا تؤثر سلباً عليها.

أما تلك الافتراضات والالتزامات المكتوبة التي يتسلمها الإنسان عادة أو يعرفها بشكل صريح عندما ينخرط للعمل في مؤسسة أو جهة فغالباً ما تفرض أموراً تحفظ مصالح المؤسسة أولاً، كالالتزام بعدم إفشاء أسرارها مثلاً، والعمل على رفع اسمها والدفاع عنها، وهذه الالتزامات القانونية غالباً ما لا يرضى عنها الموظفون، لكنهم يضطرون للالتزام بها وتطبيقها لما تتطلبه علاقات وأخلاقيات العمل!

في جميع بيئات العمل يحدث اختراق لمنظومة الالتزامات هذه، فيخترق موظف أو موظفة تراتبية العلاقات مع زملائهما عبر علاقات وهدايا تقدم جهاراً وأمام الموظفين وبدون أي مناسبة أحياناً، ويخترق المدير العام قوانين المؤسسة وأخلاقيات العمل عبر تفضيل موظفة أو موظف بدون سبب وجيه، فيتم ترقيته وزيادة مرتبه، وإيفاده في بعثات ومؤتمرات خارجية.. هو دون غيره أو غيرها من الموظفات والموظفين! لماذا؟ لأن المدير يريد ذلك؟ لماذا يريد المدير ذلك؟ يسأل المدير بطبيعة الحال!

المشكلة أن هذا الموظف، أو هذا المدير، يتصرف وكأن المؤسسة (الحكومية) ملكيته الخاصة أو إقطاعيته، أو كأن الموظفين لا أهمية لآرائهم ومشاعرهم وانتقاداتهم ونقمتهم، أو كأنهم لا وجود لهم من الأساس، إذن أين ذهبت البروتوكولات والقوانين الموضوعة والمتفق عليها لتنظيم العمل؟ هذه مجرد أمثلة بسيطة جداً، رأس جبل الجليد، لكن ما خفي كان أعظم، الذي يجب أن يقال إن ثورة السوشال ميديا لم تترك شيئاً مستوراً، طالما أن الناس لا تريد ستر نفسها!