كان خبراً حزيناً.. رحيل الموسيقار اللبناني، آخر العمالقة في عائلة الرحابنة، زياد نجل السيدة فيروز وعاصي الرحباني.

والحقيقة، فإن الأمر لا يتعلق بوفاة رجل عاش حياته لا يقول سوى قناعته، أغضب الكثيرين وعاند كل شيء حتى والدته نفسها، لكن ذلك لا ينفي أنه كان أحد أفذاذ الموسيقى في العالم العربي، يكفي أنه أطلق أول ألحانه منذ أكثر من خمسين عاماً ولما يزل مراهقاً في السابعة عشرة من عمره، أغنية فيروز الشهيرة «سألوني الناس»!

ففي سبتمبر من عام 1972، كان الرحابنة يستعدون لتقديم مسرحية المحطة على مسرح البيكاديللي في العاصمة بيروت، يوم أصيب عاصي بنزيف في الدماغ أبعده عن الموسيقى والمسرح والعمل بشكل عام، فأكمل منصور كل شيء وحيداً ولأول مرة بدون شقيق عمره وتوأم روحه، وكنوع من لفتة وفاء أراد منصور أن يفتتح المسرحية بتحية لشقيقه، أغنية لا علاقة لها بالمسرحية، كتب كلماتها وانتظر اللحن.

في الوقت نفسه تزامن ولادة اللحن مركباً على كلمات عاطفية في منطقة بعيدة عن عاصي وكلماته، كان زياد قد ألف لحناً سيغنيه بنفسه وكان يتدرب عليه بالفعل، وصادف أن سمعه منصور فطلب منه أن يتوقف عن التدرب على اللحن وأن يمنحه له للكلمات التي ألفها لعاصي، ففعل.

انطلقت الأغنية في افتتاح مسرحية المحطة عام 1973، لتلقى تفاعلاً جماهيراً غير مسبوق، لكلماتها التي تمس القلب مباشرة وبصوت فيروز ولحن الفتى الرحباني زياد، كانت الأغنية ميلاداً حقيقياً لعبقري جديد في الأسرة الرحبانية انضم لوالديه وعمه، وليكشف طريقه بعد ذلك عبر صوت والدته بألحان خالدة تتردد حتى اليوم وما بعد الغد!

البارحة، وعن 69 عاماً، رحل زياد الرحباني بعد مشوار طويل تألق فيه موسيقياً ومواقف وفلسفة.. وداعاً زياد.

وانتشرت مسرحياته وأغنياته، أحدث الكثير من الزوابع، لكن أكثر زوابعه التي لا تنسى ذلك الانقلاب الهائل الذي أحدثه في خط سير أغنيات وإرث فيروز الحالم، حين أنزل فيروز من مراتب النجوم إلى مصاف أصحابه الشيوعيين، صبحي الجيز وغيره !!