تعرفون مايا أنجلو؟ مايا أنجلو هي كاتبة أمريكية من أصل أفريقي، وهي شاعرة غزيرة الإنتاج. لُقبت بـ«شاعرة بلاط النساء السود»، وتعتبر قصائدها أناشيد للأمريكيين من أصل أفريقي.
لهذه الشاعرة، نصوص وأقوال لا يمكنك إلا أن تتوقف عندها متأملاً متفكراً في حجم الحكمة، ومعنى اتساع الوعاء الإنساني الذي كانت تتغذى منه وتسكب فيه، إن هؤلاء الأشخاص الذين يشبهون مايا أنجلو هم دون غيرهم من يحملون سر إنقاذ البشرية من تدهورها المخيف، هم وحدهم من يقيمون بنيان الحكمة والمعرفة، ويحرسون المشترك الإنساني بجلاء وثقة!
تقول مايا في الشجاعة: «إن الشجاعة هي الفضيلة اللازمة لممارسة باقي الفضائل بثبات..»، قد تتساءل كيف تكون الشجاعة مدخلاً لما يليها من فضائل؟
وبينما يظن الكثيرون أن الفضائل الأساسية (الإيمان، الجرأة، الثقة..) هي التي تولد في الإنسان الشجاعة وليس العكس، تؤكد أنجلو أن العكس هو الصحيح، فأنت بحاجة لأن تكون شجاعاً وقادراً على مواجهة واقعك ونفسك واحتمال النتائج لمواقف كثيرها يحتاج إلى شجاعة في الحياة، كأن تحب شخصاً لن يبادلك الحب مثلاً، وكأن تقرر السير في طريق لن يشاركك أحد السير فيه، فتتحمل بشجاعة السير فيه وحيداً!
ألا تحتاج الحياة في رتمها اليومي والعادي والبسيط، وفي يومياتها وبشرها ومواقفها وإحباطاتها وصورها البائسة وصورها البريئة أيضاً، إلى الكثير من الشجاعة ونحن نخرج كل يوم لنواجهها، ونرمي بأنفسنا في لجتها لنعيشها؟
ألا تمتلك أنت وأنا وغيرنا أفكاراً رائعة، ومشاريع نظنها عظيمة، وأصدقاء عشنا حياتنا نظنهم، كما نراهم، طيبين ومحبين ومشفقين؟ ألا يحدث أن تقلب لنا الحياة وجهها، وبدل أن تكافئنا فإنها تقسو علينا وتقصينا، وقد تجرحنا وتؤلمنا، لا لشيء إلا لأننا حقيقيون ومختلفون، ونمتلك شجاعة راسخة؟
فكيف يمكن لذلك الضعيف الهشّ أن يحتمل؟ في الحقيقة، إن الضعفاء وأصحاب الهشاشة والحساسيات العالية لا يحتملون، هذا ما ترينا إياه الحياة كل يوم، قصص اليأس والانهيارات والانتحار والعزلة والاغتراب والغضب و... كله يقول إن الشجاعة وحدها التي تقينا ونسيجنا مشاريع الفقد والخسائر المحتملة.
لا تحتفي الحياة بفضيلة، ولا يمكن مواجهتها إلا بالشجاعة، شجاعة أن تقرر وتفعل وتمضي!