أكثر من مئة كيلومتر قطعتها السيارة بنا من منطقة السكن في أطراف مدينة دبي إلى مدينة خورفكان، كانت برفقتي سيدة سورية لطيفة، جعلت من الرحلة رحلتين لا يمكن نسيانهما، فخلال ساعة ونصف، في طريق سهل منبسط خالٍ من الزحام والضوضاء، ارتحلنا في حديث لم يتوقف في المكان وفي الزمان، في السفر والرحيل والأحلام والرؤى والخيالات، في أحوال سوريا، وفي حضور الإمارات في الواقع السوري الإنساني الراهن، كان حديثاً حميماً جداً.. تحقق معه صدق المثل القائل: «خذ الرفيق قبل الطريق».

وصلنا بسلاسة إلى حيث المكان الذي يفترض أن يدور فيه الحديث عن كتابي «هوامش في المدن والسفر والرحيل»؛ كتاب في أدب الرحلة ومفهوم السفر والترحال من واقع تجارب شخصية ضمنتها في هذا الكتاب القريب إلى خاطري.

خورفكان ليست مجرد مدينة ساحلية، بل قصيدة بحرية نُسجت من زرقة الموج، وخُضرة الجبال، وصفاء السماء.

تحيط بها جبال الحجر في مشهد شبه دائري، كأنها تحتضن المدينة وتحميها من نسيان الزمن.

بمجرد أن احتوانا المكان أنا ورفيقتي، واحتوانا الترحاب الجميل من أهل المكان، كان أولَ ما وقع نظري عليه حقائب سفر تتناثر في المكان، وهدايا وسحوبات وتذاكر سفر ومجسم صغير لطائرة، نظرت في عيني رفيقتي، كانت ابتسامتها تملأ وجهها بينما عيناها تلتمعان بأكثر من إشارة ومعنى، كانت كمن يقول: الأمور رهن برموزها أحياناً، وكأن على طرف لسانها عبارة أشبه بحلم (يبدو أن أشياء مما تحدثنا عنها ستتحقق).

المكان على بساطته جميل وحميم وإنساني، وهو مشروع يستحق الدعم والإشادة لسيدة من المدينة، معلمة وموجهة تربوية ومثقفة، تدير المكان، وعلى ضفافه أسست مكتبة أسمتها مكتبة الملتقى، هناك في تلك المكتبة الصغيرة كفلك صغير يدور عالم وحيوات أخرى مقرها مدينة خورفكان.