لو عاد بك الزمن 2-2

بعد أن قرأت مقال البارحة حول الأمنية المستحيلة! أو السؤال الصعب: ماذا لو أمكننا أن نعيش ثانية، أن تكتب حياتنا من أول سطر العمر، ماذا كنا غيّرنا في ما عشناه؟ وأي حياة كنا اخترنا أن نعيشها؟ أم أننا سنعيش الحياة التي عشناها ثانية؟ قالت صديقتي مجيبة عنه: «بكل تأكيد سأغير خياراتي ومساراتي لو أعطيت فرصة ثانية»، ثم وضعت وجهاً ضاحكاً لم أفهم دلالاته!

قارئة أخرى كتبت تقول لي: فكرت مراراً في مقالك اليوم أستاذة! سألتها: وإلى ماذا انتهى بك التفكير؟ قالت: «كنت سأرتب حياتي وفق تفكيري الذي أنا عليه الآن»، تقصد أنها ستختار وتقرر وتحدد أولوياتها وحياتها وعلاقاتها بمنطق الوعي والنضج والمخزون المعرفي الذي بلغته اليوم! وهل ستكون الحياة أفضل يا ترى، لو أننا قررنا بمنظور وعلم المستقبل الذي كان وقتها غيباً؟ في ديننا أن الإنسان لو علم الغيب لاختار الحاضر! وذلك هو الحق، إذا كان الأمر يتعلق بالمصائر والأقدار.

سئلت الكاتبة والصحافية الأمريكية الشهيرة «إيرما بومبيك»، قبل رحيلها، ماذا لو عاد بك الزمن، هل كنت ستعيشين حياتك بنفس الطريقة؟ وتختارين نفس الاختيارات؟ فأجابت بأنها غير نادمة على أي شيء فعلته، لكن لو عادت بي الحياة مرة أخرى، فلن أقضي شهور الحمل في الشكوى من متاعبه، سأنتبه إلى أن الحمل معجزة إلهية، وسأستمتع بأنني جزء من هذه المعجزة، وأنني سبب لخروج روح أخرى إلى العالم.

وسأدعو أصدقائي إلى بيتي أكثر من دعوتهم للمقاهي والمطاعم، وسأستمتع بصحبتهم، برغم الأريكة المتسخة والسجادة الباهتة الألوان. وسأعبّر أكثر عن مشاعري لمن أحبهم.. وسأعتذر أكثر لمن أسأت إليهم، وسأنصت أكثر لمن يحدثني.

لو أعطيت فرصة ثانية للحياة.. سأراها.. سأحياها.. سأجربها.. سألمس كل لحظة فيها، الحياة هي الحضور الواعي.. وفهم الأولويات.. والقدرة على التفرقة بين المهم والأهم.