يبدو لمعظمنا أن ترديد بعض الكلمات العاطفية، والدعوة لإحياء القيم الأخلاقية كالإخلاص والوفاء والتماسك العائلي، وقيم الأخوة.. والحديث عنها بعبارات وتعبيرات شاعرية، أصبحت مما عفى عليه الزمن، ولم تعد كل هذه الانشغالات تهم الناس كثيراً أو تصلح لزماننا، فهذا ليس زمن القيم والمثاليات والعواطف، بقدر ما هو زمن طغيان المصالح وانعدام العواطف وخواء النفوس وسيادة العلاقات غير النزيهة.
ولذلك فإن الوفاء باعتباره إحدى القيم الإنسانية التي يشار إليها، والتي لطالما اعتبرت قيمة عظمى ومحل تقدير وإجلال بين الناس، وداخل الأدبيات والفلسفات الكبرى، وفي القصص والأشعار وسير الناس الذاتية، وتحديداً الوفاء للوطن والعائلة والأصدقاء وللشريك أو رفيق الدرب.
إن الوفاء وعلى الرغم مما يمثله وكيفية النظر إليه، إلا أنه من أكثر القيم التي تخلى عنها الناس بذرائع عديدة ومتباينة، تدخل ضمن ظاهرة التحولات القيمية والأخلاقية في مجتمعاتنا، والعالم بشكل عام.
لذلك فحين دعا صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد في حملته العظيمة «شكراً الشيخة هند» للوفاء لمن يستحق الوفاء، الوفاء لرفيقة الدرب، ولكل من ساند الإنسان في هذه الحياة، فإنه كان يعيد بعث قيمة نبيلة في النفوس، ويذكر بواحدة من صفات الإنسان الحقيقي والعربي الذي عهد عنه أكبر قيمتين شكلتا مسيرته «الكرم والوفاء»، مذكراً بقول الرسول العظيم «خيركم خيركم لأهله..».
يعتقد الكثير من الأزواج والأكثر من الزوجات أن هذا الوفاء صار من الأمور النادرة في حياة اليوم، وضمن أطر العلاقات الزوجية، ففي ظل اختلاط المعايير واختلافها، واختلاط الحابل بالنابل في الأدوار والعلاقات ضمن مؤسسات العمل وأطر العمل، إضافة للضربات التي تتعرض لها مؤسسة الزواج من أجل هدمها وإحلال أطر علاقات غير سوية محل الزواج، هذا وغيره جعل الوفاء من النوادر التي كانت العرب قديماً قد أوردته ضمن المستحيلات، فقيل المستحيلات ثلاثة: الغول والعنقاء والخل الوفي!