في ظهيرة لا تحتمل من أحد أيام شهر يونيو، كنت عائدة للمنزل بصحبة سائقي الخاص، بعد ساعات قضيتها في إنجاز الكثير من المهام، وفي أحد التقاطعات الداخلية في أحد الأحياء، انزلقت دراجة كان يقودها شاب من موظفي شركات التوصيل. بدا واضحاً أن السبب يعود إلى كمية زيت كبيرة كانت تملأ وسط الشارع، حيث انزلق الشاب وصار أسفل الدراجة، حدث ذلك بسرعة كبيرة، فأوقف السائقون سياراتهم بسبب ما حدث!
ما حدث تالياً هو الأهم من الحادث، كنت أجلس في المقعد الخلفي، أتصفح الهاتف كعادة الجميع، وصل صوت انزلاق السيارة لمسمعي فرفعت رأسي، وصرت أراقب ما يحدث. وما حدث كالتالي: أوقف سائق سيارة الأجرة التابعة لـ«تاكسي دبي» سيارته ونزل مسرعاً إلى حيث سقط الشاب، أوقف السائق الذي معي سيارتنا وهرع في الوقت نفسه صوبه كذلك، فتاة تقود سيارتها الفاخرة، بدت متأففة بشكل واضح، شابان في سيارة رياضية حاولا الالتفاف على السيارات المتوقفة بحثاً عن مخرج دون أن يحاول أي منهما إلقاء نظرة على ما يحدث.
وامرأة تقل ثلاثة أطفال (أبناءها بلا شك) أوقفت سيارتها، وصارت تشير إلى الرجال المتمترسين داخل سياراتهم كي يساعدوا في حمل الشاب بعيداً عن منتصف الشارع وتقديم المساعدة له، لكنّ أياً منهم لم يتجاوب، ففتحت باب سيارتها، وأخذت قنينة ماء، وركضت بها إلى الشاب!
بعد لحظات، وبعد المساعدة التي قدمت له، نهض الشاب يعرج بقدم ويسحب أخرى، ومن معه يجرون له الدراجة إلى خارج الطريق.
عاد السائق، وأعاد تشغيل السيارة، واعتذر لي أنه تركني كل هذا الوقت، سألته عن حال الشاب، قال: لم ينتبه للزيت الذي على الشارع، لكنه في حال جيدة، مجرد جرح في ساقه بسبب احتكاكه بالرصيف. في تلك الأثناء، كان الجميع يضربون على مقود سياراتهم مستائين؛ لأنهم تأخروا في عودتهم لمنازلهم!
هناك بشر بحاجة لمراجعة منسوب الإنسانية لديهم، وليس فقط منسوب الأنسولين والهيموجلوبين!!