بالنسبة لأهلها الذين يعرفونها تماماً، ويحبونها بصدق كما يليق بأبناء طيبين أن يحبوا وينتموا لمدينتهم، فإن دبي مدينة جميلة طيبة دافئة، بعيداً عن كل الصورة المبهرجة التي يعرفها السياح والزوار ومحلات السياحة والضيافة والفنادق العالمية ومعارض التجارة والطيران و... هي هذا كله في وجوه منها، أما بالنسبة لهم فهي الأحياء التي ولدوا ونشأوا فيها، وفيها تكونت لهجتهم وذاكرتهم وتفاصيل أيامهم وعلاقاتهم وشقاواتهم وحبهم الأول ومدرستهم الأولى، وخطواتهم البكر خارج بوابات البيوت والأسوار.
هي البحر الكبير والخور العظيم، والجزء القديم منها، والجزء الجديد الشامخ بحداثته وإبداعاته، هي الفسيفساء البشرية والمزيج الحضاري والثقافي الذي يشبه سجادة منسوجة بإحكام، وخلية نحل صنع عسلها جهد كبير على مهل وإتقان، دبي الصغيرة كبيت أحدنا، والكبيرة كحلم لا حدود لاتساعه، دبي التي يعرفها كل العالم والتي ما إن يقال دبي حتى يشع بريق في عين السامعين.. دبي قصيدة الحب في قلبي وقلب كل أهلها كانت وستظل أيقونة تعيد تعريف الألق والتفرد كل صباح حتى غدت هي التفرد نفسه.
دبي حين خطّ مؤسسها الأول، راشد الكبير أول أعمدتها التي ستحمل بنيانها وهويتها ونجاحها، جعل انطلاقتها في: الطرق والمواصلات انطلاقاً من تاريخها، واسمها الذي لازمها دائماً: الوصل، فكانت المواصلات علامتها المسجلة، اليوم لا طرق كطرق دبي، مواصلاتها هي الأحدث والأكثر أناقة، مطارها على الدوام في صدارة المطارات، ناقلتها الجوية هي أكبر وأغنى شركة طيران على كوكب الأرض، دبي تدير موانئ حول العالم، وتمتلك أفضل شبكة طرق تصل العالم ببعضه، لذلك حين تسير في ممرات مطار دبي أنت ترى هذا العالم بأم عينيك في هذا المطار.
أما السياحة التي هي بالنسبة للكثيرين، وبحسب التعريفات الكلاسيكية، عبارة عن آثار حضارات سادت ثم بادت، ومعابد وتماثيل وقصور وغير ذلك، ودبي لا تمتلك كل ذلك، لكنها تمتلك ما يخصها ويميزها، وقد عرفت كيف تعيد تعريف السياحة وكيف تقدمها لملايين القادمين إليها حتى أصبح للسياحة مفهومها الخاص فيها، فتمكنت من جعل السياحة عموداً ثابتاً وثانياً من أعمدتها، وسراً من أسرار فرادتها.