سلسلة طـويلة من الإنجازات في قيادة مسيرة التنمية والتعاون إلى أبعاد جديدة وآفاق رحبة

اللجان الإماراتية السعودية المشتركة تتويج للرؤى الاستراتيجية بين البلدين

علاقات استراتيجية بين الإمارات والسعودية تسندها روابط الدم والتاريخ المشترك | أرشيفية

ت + ت - الحجم الطبيعي

 لمشاهدة الملف بصيغة الــ pdf اضغط هنا

 

مع تشكيل اللجنة العليا المشتركة بين دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية في مايو عام 2014 بدأت العلاقات الإماراتية السعودية تتخذ أبعاداً جديدة وآفاقاً رحبة على كافة المستويات، حيث تولت هذه اللجنة تنفيذ الرؤى الاستراتيجية لقيادتي البلدين بهدف مواجهة التحديات في المنطقة ودعم وتعزيز العلاقات السياسية والعسكرية والتجارية والثقافية في إطار كيان قوي متماسك يعود بالخير على الشعبين الشقيقين ويدعم مسيرة العمل الخليجي المشترك.

وجاء الإعلان عن تشكيل اللجنة المشتركة خلال استقبال صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، والأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي ـ رحمه الله ـ خلال زيارة قام بها والوفد المرافق له إلى الدولة آنذاك.

ولا شك في أن قرار صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، في شأن تشكيل لجنة التعاون المشترك بين الإمارات والمملكة العربية السعودية في 5 ديسمبر عام 2017 جسّد مرحلة أخرى جديدة من التعاون المؤسسي وتنسيق العمل المشترك بين الإمارات والمملكة العربية السعودية في مختلف المجالات العسكرية والسياسية والاقتصادية والتجارية والثقافية وغيرها.

كما مثل هذا القرار تتويجاً لما تم إنجازه على كافة الأصعدة خلال الفترة الماضية بين البلدين الشقيقين والذي جعل من المملكة العربية السعودية أكبر شريك تجاري للإمارات على مستوى الخليج والمنطقة.

وكان صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، أصدر قراراً في 5 ديسمبر 2017 بتشكيل لجنة للتعاون المشترك بين دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية برئاسة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وسمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة، نائباً للرئيس.

وتم تحديد اختصاصات اللجنة بالتعاون والتنسيق المشترك بين البلدين الشقيقين في كافة المجالات العسكرية والسياسية والاقتصادية والتجارية والثقافية، وغيرها من المجالات التي تقتضيها مصلحة البلدين.

 

علاقة تاريخية

لم تكن العلاقات الثنائية بين الإمارات والسعودية أقوى في أي مرحلة سابقة مما تشهده في الوقت الحالي من تطابق الرؤى والمواقف يتوجها دماء الشهداء الأبرار من البلدين الذين دشنوا لعلاقة تاريخية جديدة حين ضحوا بحياتهم دفاعاً عن شرعية اليمن وأهله ونصرة للحق، وحرصاً على تماسكه ووحدته وإنقاذه، وبما يرسخ للأمن القومي العربي، متفقين على أن الأزمات الأخيرة زادت من الروابط بين البلدين على المستويات السياسية والاقتصادية والعسكرية والإعلامية.

ويرى المحللون أن تشكيل اللجان المشتركة عالية المستوى بين البلدين الشقيقين في تلك المرحلة أعطت طابعاً جديداً ومختلفاً للعلاقات الإماراتية السعودية التي تشهد تطابقاً تاماً في الرؤى حول كافة القضايا والتحديات التي تواجه المنطقة خاصة فيما يخص مواجهة الإرهاب بكل صوره وأشكاله.

كما يؤكد الخبراء أن اشتراك دولتين مركزيتين في النظام الإقليمي بوزن وحجم الإمارات والسعودية في الإدراك الكبير من المخاطر الخارجية سواء المخاطر الناتجة من الأزمة القطرية أو العمل معاً على استعادة الشرعية في اليمن يعطي دفعة كبيرة لاستقرار المنطقة ويقوض المشروع الفوضوي الذي تحاول كل من إيران وقطر فرضه على منطقة الخليج.

وقد قطعت دولة الإمارات العربية المتحدة شوطاً كبيراً في إرساء دعائم العلاقات الاستراتيجية بينها والمملكة في كافة المجالات والميادين، على أسس ثابتة وراسخة ومستقرة، وتطمحان كأكبر قوتين اقتصاديتين في المنطقة في الوصول إلى الشراكة الكاملة بينهما من أجل خدمة شعبي البلدين الشقيقين والمنطقة، حيث يثبت كلا البلدين مرة بعد أخرى أنهما يمتلكان قدرة كبيرة في إيجاد الآليات والأطر لدفع العلاقات الثنائية بين البلدين إلى آفاق رحبة مبنية على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة.

المصير المشترك

وترتبط دولة الإمارات العربية المتحدة، بقيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، والمملكة العربية السعودية بقيادة أخيه خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبد العزيز، بعلاقات تاريخية أزلية قديمة، ضاربة في جذور التاريخ والجغرافيا، تعززها روابط الدم والإرث والمصير المشترك، أسس دعائمها المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، مع أخيه عاهل المملكة العربية السعودية آنذاك الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود.

وحرصت دولة الإمارات العربية المتحدة، بقيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، والمملكة العربية السعودية بقيادة أخيه خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز على ترسيخ وتوثيق العلاقات الثنائية بين البلدين باستمرار وتشريبها بذاكرة الأجيال المتعاقبة، حتى تستمر هذه العلاقة على ذات النهج والمضمون، ما يوفر المزيد من عناصر الاستقرار الضرورية لهذه العلاقة، والتي تستصحب إرثاً من التقاليد السياسية والدبلوماسية التي أُرسيت على مدى عقود طويلة، في سياق تاريخي، رهنها دائماً لمبادئ التنسيق والتعاون والتشاور المستمر حول المستجد من القضايا والموضوعات ذات الصبغة الإقليمية والدولية، لذا تحقق الانسجام التام والكامل لكافة القرارات المتخذة من الدولتين الشقيقتين في القضايا والموضوعات ذات الاهتمام المشترك.

وتؤكد كل من الإمارات والسعودية التزامهما التام ودعمهما الكامل لمنظومة مجلس التعاون الخليجي والمحافظة على أمن واستقرار الدول الأعضاء.

ونظراً لعلاقات التداخل والتمازج بين مواطني البلدين، فإن الصورة الذهنية التي يرسمها المواطن السعودي في مخيلته عن دولة الإمارات تبدو مكتملة، لأن التداخل متواصل تاريخياً ويتخذ أشكالاً متعددة، فالسعوديون كثيرو السفر لدولة الإمارات، وكذا الإماراتيون، فضلاً عن علاقات المصاهرة والزواج والصداقة.

خلوة العزم

وعقدت المرحلة الأولى من «خلوة العزم» الاستثنائية المشتركة بين دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، في العاصمة أبوظبي في 21 فبراير عام 2017 بمشاركة أكثر من 150 مسؤولاً حكومياً وعدد من الخبراء في مختلف القطاعات الحكومية والخاصة في البلدين بهدف تفعيل بنود الاتفاقية الموقعة بين البلدين بإنشاء المجلس ووضع خارطة طريق له على المدى الطويل ليكون النموذج الأمثل للتعاون والتكامل بين الدول، وبما يعكس حرص البلدين على توطيد العلاقات الأخوية بينهما، والرغبة في تكثيف التعاون الثنائي عبر التشاور والتنسيق المستمر في المجالات ذات الأولوية ولتكون مكملاً لجهود البلدين في تعزيز منظومة مجلس التعاون لدول الخليج العربية.

وتعد «خلوة العزم» في أبوظبي أول الأنشطة المنبثقة من مجلس التنسيق السعودي الإماراتي الذي تم الإعلان عنه في مايو 2016 في مدينة جدة والذي شهد إعلانه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود ملك المملكة العربية السعودية، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة.

وبحثت الخلوة الأولى التي عقدت في جزيرة السعديات الوضع الراهن والفرص والتحديات المحتملة والخروج بأفكار ومبادرات نوعية، وذلك مع تواصل اللقاءات والمناقشات بين فرق العمل لاستكمال وضع الخطط وتنفيذها وعرضها على الاجتماع الأول لمجلس التنسيق السعودي الإماراتي.

وحضر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، جانباً من هذه الخلوة، وأكد سموه أن توحيد الطاقات والإمكانات بين دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية يمكن أن يخلق فرصاً تاريخية للشعبين وللمنطقة بأكملها.

وأشار سموه إلى أن «خلوة العزم» هدفها تحويل الاتفاقات والتفاهمات إلى مشاريع ميدانية تعود بالخير على الشعبين الشقيقين والوصول لمستوى جديد من العلاقات الاستثنائية بين دولة الإمارات والمملكة العربية السعودية.

من جانبه أكد سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان خلال حضوره «خلوة العزم» أن العلاقات بين المملكة ودولة الإمارات قوية ولكن القيادة تسعى لأن تكون العلاقات استثنائية ونموذجية وتنتقل لمستوى جديد ومختلف مستوى تكاملي.

وأضاف سموه: «نحن نشكل أكبر اقتصادين عربيين ونشكل القوتين الأحدث تسليحاً ونشكل نسيجاً اجتماعياً واحداً وإن لدينا قيادتين تريدان مزيداً من التعاون وشعبين يطمحان لمزيد من التكامل».

وأكد سموه أن حجم اقتصادي المملكة والإمارات يمثل ناتجاً محلياً إجمالياً يبلغ تريليون دولار –الأكبر في الشرق الأوسط -وصادراتهما تجعلهما الرابع عالمياً بقيمة تبلغ 713 مليار دولار». وأشار سموه إلى أن عدد السياح من المملكة للإمارات يبلغ مليوناً و900 ألف سائح سعودي في الإمارات وأن قيمة مشاريع الإمارات في المملكة يبلغ 15 مليار درهم وأن حجم التبادل التجاري بين البلدين يبلغ 84 مليار درهم.

خلوة الرياض

وجاءت المرحلة الثانية من «خلوة العزم» في الرياض في 14 أبريل 2017 وناقشت ثلاثة محاور استراتيجية بين البلدين تختص بالجانب الاقتصادي والجانب المعرفي والبشري والجانب السياسي والعسكري والأمني.

وشددت الخلوة على أن التعاون والتكامل بين المملكة والإمارات أصبح في أقوى صوره وأن العلاقات الثنائية تكبر وتقوى لتدعم مسيرة مجلس التعاون الخليجي وإن قيادتي البلدين تسعيان لجعلها استثنائية ونموذجية وأن لدى البلدين يمثلان مواقف مشهودة في التعاون الإقليمي يحتذى بها وإن لديهما اليوم فرصاً تاريخية بوجود قيادات تاريخية والثقة كبيرة بعقول مواطنيهما وكوادرهما والثقة الكبيرة بمستقبل علاقات متميزة واستثنائية تجمع الإمارات والمملكة.

وبحثت جلسات خلوة العزم الثانية في الرياض سيناريوهات وإطلاق مبادرات وتطوير سياسات تخدم التعاون المشترك والانتقال بمسيرة التنمية والتعاون بين البلدين إلى مرحلة جديدة من النمو والتطور، إلى جانب توفير منصة للتشاور والتنسيق بين فرق العمل، وأعقبها سلسلة من اللقاءات والأنشطة بين مختلف فرق العمل الثنائية في المجلس لتفعيل مخرجات الخلوة ومناقشة آليات تفعيل خطط التعاون المختلفة ورفعها إلى مجلس التنسيق السعودي الإماراتي.

مرحلة متقدمة

يرى محللون أن العلاقات الثنائية بين الإمارات والسعودية وصلت إلى مرحلة متقدمة ربما لم تتحقق بين أي بلدين في العالم وهذا يعطي الفرصة للقيادتين والشعبين الشقيقين تحقيق المزيد والمزيد من التعاون وتحقيق الإنجازات في المجالات كافة. وأكدوا أن أعظم تنسيق وتعاون استراتيجي إماراتي سعودي تم عندما امتزجت دماء الأبطال السعوديين والإماراتيين في حرب اليمن دفاعاً عن الشرعية اليمنية وعن دول مجلس التعاون الخليجي.

 

اقرأ أيضاً:

Email