«البيان » تفتح ملف تدخلات نظام الملالي في المنطقة والعالم(3)

إيران في العراق من تصدير الثورة إلى الوصاية

ت + ت - الحجم الطبيعي

(لمشاهدة ملف "إرهاب إيران" pdf اضغط هنا)

التدخلات الإيرانية في العراق، كانت تعتمد إثارة وتغذية النعرات والفتن والمشكلات الداخلية، بهدف تحقيق مكاسب مادية أو التوسع الجغرافي، كما حصل في اتفاقية الجزائر عام 1975، التي حصلت بموجبها على نصف شط العرب، خلافاً لاتفاقية عام 1937، مقابل وقف دعمها للتمرد الكردي في شمال العراق، وإنهاء الأعمال العدائية ضد العراق، إلا أن التوجه التالي لإيران، بعد أن أصبحت تسمي نفسها «الجمهورية الإسلامية»، تغيرت بوصلته، من التأثير في الجمهوريات ذات الأغلبية الإسلامية في الاتحاد السوفييتي، والمساعدة على تفتيت القوة العظمى، إلى الطموح في أن تكون هي «القوة العظمى»، من خلال إحياء الإمبراطورية الفارسية، وأكثر من ذلك، إخضاع الدول الإسلامية لهيمنتها، ووضعها تحت وصاية «الولي الفقيه».

بدأت إيران أولى خطواتها «الإرهابية» بتصدير الثورة، حيث تريد تعميم نموذجها في عموم العالم، وبما أن «الأقربون أولى بالمعروف»! شهد العراق سلسلة من التفجيرات ومحاولات الاغتيال، كان وراءها متأثرون بالنهج الإيراني الجديد، فيما شهدت إيران بناء وتنشيط جماعات عراقية تعمل لصالحها تحت مسمى «المعارضة العراقية»، الأمر الذي اعتبره الجانب العراقي خرقاً فاضحاً لاتفاقية الجزائر التي نصت في أحد بنودها على «عدم التدخل في الشؤون الداخلية أو دعم أي جماعات معارضة».

وبعدها جاءت حرب الثماني سنوات، وكانت أواخرها تمثل «قمة المأساة»، حيث تم الاتفاق على إنهاء الحرب في مارس 1988، إلا أن الإعلان الرسمي عن ذلك، وموافقة إيران على قرار مجلس الأمن رقم 598 بوقف الحرب مع العراق لم يتم إلا في أغسطس من نفس السنة، وذلك بعد 6 سنوات من موافقة العراق عليه.

وخلال الأشهر الخمسة ما بين الاتفاق على وقف الحرب، والإعلان الرسمي، ذهب عشرات آلاف من القتلى من الجانبين، ومن الجماعات المسلحة التي كانت إيران تتبناها، وخاصة في شمالي العراق، ضمن مخططها لتغذية الفتن والاضطرابات الداخلية، ما يؤشر إلى مدى الاستخفاف بالدم العراقي، والإيراني أيضاً.

الدور الدموي للميليشيات

وبحسب مركز «روابط» للدراسات، فإن الكثيرين لم يعطوا لإيران حجمها الحقيقي الدور الذي يمكن أن تضطلع به في العراق بعد إسقاط الولايات المتحدة لنظام صدام حسين في 2003، فانصرفت الأعين عن الدور الإيراني بسبب الانشغال بالدور الأميركي كقوة احتلال مباشر، وقد استغلت طهران هذا الوضع ومدت نفوذها بقوة إلى الداخل العراقي حتى أصبحت هي اللاعب الأبرز على الساحة العراقية، ربما أكثر من الدور الأميركي ذاته أحياناً، من خلال الميليشيات الموالية لها، والمدعومة من قبل الأجهزة الأمنية، حيث سال الدم غزيراً في شوارع وبيوت العراقيين، مع وقوف الجانب الأميركي موقف المتفرج.

لم يؤد الغزو الأميركي للعراق فقط إلى إسقاط نظام صدام حسين، بل أدّى إلى إسقاط الدولة العراقية وجيشها ومؤسسات الحكم فيها بشكل كامل تقريباً، وبالأخص المؤسسة العسكرية العراقية، وقد أعطى هذا الانهيار المؤسسي العراقي الفرصة لطرف قوي لا يُستهان به مثل إيران للتدخل ومحاولة التأثير في عملية إعادة البناء المؤسسي بحيث تضمن على أقل تقدير عدم مجيء حكم معادٍ، إذا لم تستطع إيجاد حكم موالٍ، مستغلة التأثير في الطائفة الشيعية العراقية وميلشياتها المسلّحة، وتأجيج الحرب الطائفية.

كما تلقّفت إيران التطورات الناتجة عن الأخطاء الأميركية في نقل السلطة ودعّمت الحكومات الطائفية وسارعت للاعتراف بها وتوطيد العلاقات معها، وهو ما أعطى لطهران موطئ قدم في العراق في كل الحكومات التالية تقريباً، إذ عملت على ترسيخ القاعدة التي بدأتها الولايات المتحدة بتعزيز النهج الطائفي في اقتسام السلطة، وذلك من خلال قيامها بجهود واسعة في إزالة الخلافات العالقة بين التيارات الشيعية من أجل ضرب عصفورين بحجر، الأول يتمثل في الحفاظ على أغلبية شيعية تأتي بحكومات حليفة لإيران، والثاني في كسب ولاء مختلف التيارات الشيعية على اعتبار أن إيران هي الوسيط المتوقع في أي خلاف شيعي - شيعي، وذلك هو الدور الذي خوّل إيران لعب دور في إعادة تأهيل الجيش العراقي والتنسيق معه وتوقيع العديد من الاتفاقيات الأمنية.

شبهات حول «القاعدة»

ويلفت المراقبون للوضع العراقي إلى أن هناك شبهات كانت تحوم حول تنظيم «القاعدة» وعلاقته مع إيران، فهذا التنظيم قدم إلى العراق بعد الهجوم الأميركي على أفغانستان، وحمل اسم «الجهاد والتوحيد»، في جيب «بيارة وطويلة»، الممتد من مدينة حلبجة العراقية إلى داخل إيران، على شكل «شبه جزيرة»، ثم تفرق في أنحاء العراق، إثر القصف الأميركي لمواقعه في حرب 2003، ليحمل اسم «القاعدة» وليكون طرفاً مقابلاً في الحرب الطائفية التي بلغت أوجها في عامي 2005 ـ 2006، مع ملاحظة أن العام الأخير شهد لقاءات مكثفة بين قيادات التنظيم والجانب الإيراني، لأغراض التسليح، وهو ما يثير الاستغراب.. فكيف تقوم إيران بتسليح تنظيم يقاتل الميليشيات التابعة لها!؟ وكيف قبل هذا التنظيم دعم الجهة الرئيسية الداعمة لخصومه!؟

اللافت للنظر، أن أول ثمرات التعاون التسليحي بين تنظيم القاعدة وإيران، إعلان «داعش»، ليحل محل «القاعدة»، بموازاة النمط الإيراني «الجمهورية الإسلامية».

يلاحظ المتابعون للشأن العراقي، أن الحكومات المتعاقبة بعد الغزو الأميركي كانت تطلق تسمية «القاعدة» على كل التشكيلات المسلّحة المناهضة للاحتلال، فيما تعاونت الميليشيات مع الحكومة والاحتلال لضرب هذه الفصائل، إلى جانب محاربتها من قبل «القاعدة» التي كانت تحاول الانفراد في الساحة، بحجة «وحدة المقاومة».

اقرأ أيضاً:

التيار الصدري: طهران تسعى لإعادة التخندق الطائفي

المصالح الأميركية الإيرانية

دعاية صاخبة للقوة

30 ألف عسكري إيراني

Email