«فزّاع» عائداً إلى «ساحة الشعّار»: «ويالشاعر آوصّيك في الإجتهاد»

جادت قريحة سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الدفاع، أمس، برائعة شعرية عنوانها «ساحة الشعّار»، أثرى بها عقول وأفئدة وأخيلة محبي الشعر والجمال، إذ ظهر سموه ملقياً القصيدة في فيديو نشره على حسابه الرسمي في موقع التواصل الاجتماعي «إنستغرام». وقد حفِلت القصيدة ببديع المعاني وفريد الصور والاستعارات الأدبية.

كما جسدت وبيّنت نهج ودأب وحرص «فزّاع»، القائد والشاعر الملهم المُجيد، على الانتصار لأصالة الشعر واكتنازه بالابتكار والألق والمضمون الغني، على الدوام. ويعلن سموه في شذرات أبيات هذي الرائعة الشعرية الجديدة أنه عائد إلى ميادين القصيد وساحاته البهية، بعد غيبة قصيرة، ذلك كي يرفد ويمتع جمهوره من محبي الشعر الحق، بروائع فرائد، يعزز معها، ويؤكد، إصراره على صون مكانة الشعر الرفيعة، ومنع تسيد الابتذال أو التشويه أو التهميش في حقوله ومضاميره.

كنوز الرؤى

إن هذي القصيدة، بما تحمله من رؤى وبما تكتنزه من ملامح جمالية، تمثل رائعة أدبية ثرّة، تتغنى بلوامع الشعر الجدير الحق، وتدعو إلى مواجهة أي إخلال بثوابت ومقومات تميّز هذا الفن الإبداعي المتجذر في مجتمعاتنا.

إنها، بما تنطوي عليه من رؤى وأهداف ولآلئ شعرية، صوت شاعر مسكون بعشق ديوان العرب لا يرتضي أيّ مسٍّ أو استهتار بروائز القصيد البديع، ولا يمكن أن يُخلي الساحة هذه فيسمح بأن تتسيّدها أشعار متواضعة، بل ركيكة. نعم، فكيف لا يفعل سموه ذاك، والشعر.

كما يقول في رائعته، عشقه ومهجته وأبجديته؟ وكذا الفن الأثير الذي لا يفارق مخياله؟ وكيف لا يفعل وهو القائد والفارس والشاعر الذي تربى في عوالم ومدارس القيادة والشعر والإبداع الملهمة، التي صاغها وابتكرها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، إذ نهل سموه من عيون قرائح فارس العرب الشاعرية المتألقة.

ومن ثم قرنها بملكاته وفضاءات تميزه الأدبي، فأغنى وأمتع متذوقي الشعر بأروع الأبيات وأبهى سكبات القصيد، ذلك في ضوء اقتداره وتمكنه من قياد ناصية الكلمات والتعابير والدلالات والقوافي، علاوة على عمق دربته وسعة خبراته وتجاربه ومعارفه، الأمر الذي أهَّله ويؤهله، بل يرسّخه، بوصفه خير حامٍ لجواهر ومنازل الشعر العالية، خاصة وأنه شاعر مكثار تنبض أبيات قصيده بالقيم والحكم والجماليات وحب الوطن والناس.

لغة شاعرية عالية

تغتني القصيدة بلغة شاعرية لا يتقنها إلا شاعر فذ مقتدر، كما حال سموه، وتضاهي وتغازل تلك اللغة في القصيدة، مواكب معانٍ واستعارات ورموز وبوح صادق وبلاغة، لا تدانى. إنها في المجمل، تروي سمات الشاعر «فزّاع» ومزية أشعاره.

حيث يرنّم الكلمات والقوافي على وقع بحور الألق، وفي حضرة أنوار التميز والإبداع والجمال التي تجسد مفردات رئيسة في قاموس فكره وعطائه ومسارات حياته الغنية بالإنجازات والخير والإبداع والعدل والحق.

إن سمو الشيخ حمدان بن محمد يغرف في «ساحة الشعّار» من بحور قرائحه الفريدة الغنَّاء، ليشكل لوحة جديدة تضاف إلى كنوز قصائده العصماء. وهو أرادها تأكيداً واضحاً وراسخاً على تمسكه بثوابت الشعر، ونهجه الفريد في الميدان الذي لا يرتضي معه إلا الابتكار والتجديد.

ونتبين شغف سموه بالشعر بينما يحكي لنا في مطلع القصيدة شوقه وتعلقه بميادين القوافي وساحاتها وجنانها، وحنينه الكبير إليها، ذلك عقب غياب لفترة زمنية محددة. ويعلن سموه مع هذي الرائعة العودة إلى حبيبته الدائمة الأثيرة: القصيدة.

لقد ابتغاها بياناً صريحاً يؤكد تمسكه بالشعر ذي القيمة الرفيعة، ويدلل على أنه باقٍ في الساح هذا ليرفد محبيه بألق القصائد الجواهر، مصراً في الوقت نفسه، على أن يبقى الشعر الجميل والغني هو المتسيد، لا أن تطغى وتبرز نتاجات الدخلاء عليه فتطمس رونق البديع الشاعري الملهم، وتملأ المضمار بأشعار مشتتة مبعثرة خاوية.

ذخر ورونق

هكذا إذاً، يعلنها «فزّاع» بجلاء، إنه عائد إلى القوافي ليثري فضاءاتها بالبدائع والمعاني والأبيات التي تهز الوجدان وتشنف الآذان، كما اعتاد أن يفعل، وكذا غاية أن لا يمتطي نواصي «ديوان العرب» أدعياء الشعر الذين باتوا يشوهون ذخره ورونق جذوره ومنازله وأدواره والتماعاته.

إن سموه يطمئن محبي شعره بأنه «عائد.. ولن يخيب ظنهم». ذاك هو لب الحكاية وجوهر القصيدة والبشرى التي يزفها سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد لمحبي شعره، مشيراً إلى أنه سيواظب على إدهاشهم بروائع شعرية تثري عقولهم وأخيلتهم وتمتعهم وتغني معارفهم، وأيضاً تُعلي من منازل الشعر.

وصايا

كما يخاطب سموه الشعراء ويوصيهم، في هذه الأبيات، ومن باب حرصه على الشعر وصون قيمته العالية، بضرورة الاجتهاد والالتزام بالابتكار والتجديد في ما يقدمون من نتاجات، بموازاة الاهتمام بتخليق أفكار ومضامين مبتكرة، ولا أن يقلدوا ويقتبسوا من سواهم. ويوصي سموه، نقاد الشعر، أيضاً، بأن يكونوا الحراس الأمينين على جذوة أصالته، بحيث يبقون متابعين ومتفحصين وسابرين ودارسين لكل ما تشهده الساحة الشعرية من قصائد جديدة.

ومن ثم يقدمون توصيفاتهم وآراءهم بدقة وتجرد وحيادية، ليضيئوا على المآخذ والعيوب، ويشيدوا بجوانب التميز، بشكل واضح لا مراءاة أو مجاملة فيه، وبعيداً عن أي تجريح أو شخصنة أو غائية. ويختم سموه قصيده مشدداً على أهمية حضور النقد البنّاء وانتعاشه وتأثيره، كونه ماء حدائق الشعر وما يكفل أن نخصّب أرض زروعه، فيجعلنا نقطف أطيب الثمار.

كلمات وقوافٍ منسابة على وقع بحور الألق ومسكونة بأنوار التميز والإبداع والجمال تحكي سمات شاعر متفرد

صور واستعارات أدبية شائقة تجود بها قريحة قائد ومبدع ملهم متيّم بأصالة الشعر

«ديوان العرب» دعوة صريحة ومباشرة للشعراء والنقاد بأن يحرصوا دوماً على صون المكانة الرفيعة للقصيد وأهله