كما جسدت وبيّنت نهج ودأب وحرص «فزّاع»، القائد والشاعر الملهم المُجيد، على الانتصار لأصالة الشعر واكتنازه بالابتكار والألق والمضمون الغني، على الدوام. ويعلن سموه في شذرات أبيات هذي الرائعة الشعرية الجديدة أنه عائد إلى ميادين القصيد وساحاته البهية، بعد غيبة قصيرة، ذلك كي يرفد ويمتع جمهوره من محبي الشعر الحق، بروائع فرائد، يعزز معها، ويؤكد، إصراره على صون مكانة الشعر الرفيعة، ومنع تسيد الابتذال أو التشويه أو التهميش في حقوله ومضاميره.
كنوز الرؤى
إنها، بما تنطوي عليه من رؤى وأهداف ولآلئ شعرية، صوت شاعر مسكون بعشق ديوان العرب لا يرتضي أيّ مسٍّ أو استهتار بروائز القصيد البديع، ولا يمكن أن يُخلي الساحة هذه فيسمح بأن تتسيّدها أشعار متواضعة، بل ركيكة. نعم، فكيف لا يفعل سموه ذاك، والشعر.
كما يقول في رائعته، عشقه ومهجته وأبجديته؟ وكذا الفن الأثير الذي لا يفارق مخياله؟ وكيف لا يفعل وهو القائد والفارس والشاعر الذي تربى في عوالم ومدارس القيادة والشعر والإبداع الملهمة، التي صاغها وابتكرها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، إذ نهل سموه من عيون قرائح فارس العرب الشاعرية المتألقة.
ومن ثم قرنها بملكاته وفضاءات تميزه الأدبي، فأغنى وأمتع متذوقي الشعر بأروع الأبيات وأبهى سكبات القصيد، ذلك في ضوء اقتداره وتمكنه من قياد ناصية الكلمات والتعابير والدلالات والقوافي، علاوة على عمق دربته وسعة خبراته وتجاربه ومعارفه، الأمر الذي أهَّله ويؤهله، بل يرسّخه، بوصفه خير حامٍ لجواهر ومنازل الشعر العالية، خاصة وأنه شاعر مكثار تنبض أبيات قصيده بالقيم والحكم والجماليات وحب الوطن والناس.
لغة شاعرية عالية
حيث يرنّم الكلمات والقوافي على وقع بحور الألق، وفي حضرة أنوار التميز والإبداع والجمال التي تجسد مفردات رئيسة في قاموس فكره وعطائه ومسارات حياته الغنية بالإنجازات والخير والإبداع والعدل والحق.
ونتبين شغف سموه بالشعر بينما يحكي لنا في مطلع القصيدة شوقه وتعلقه بميادين القوافي وساحاتها وجنانها، وحنينه الكبير إليها، ذلك عقب غياب لفترة زمنية محددة. ويعلن سموه مع هذي الرائعة العودة إلى حبيبته الدائمة الأثيرة: القصيدة.
لقد ابتغاها بياناً صريحاً يؤكد تمسكه بالشعر ذي القيمة الرفيعة، ويدلل على أنه باقٍ في الساح هذا ليرفد محبيه بألق القصائد الجواهر، مصراً في الوقت نفسه، على أن يبقى الشعر الجميل والغني هو المتسيد، لا أن تطغى وتبرز نتاجات الدخلاء عليه فتطمس رونق البديع الشاعري الملهم، وتملأ المضمار بأشعار مشتتة مبعثرة خاوية.
ذخر ورونق
إن سموه يطمئن محبي شعره بأنه «عائد.. ولن يخيب ظنهم». ذاك هو لب الحكاية وجوهر القصيدة والبشرى التي يزفها سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد لمحبي شعره، مشيراً إلى أنه سيواظب على إدهاشهم بروائع شعرية تثري عقولهم وأخيلتهم وتمتعهم وتغني معارفهم، وأيضاً تُعلي من منازل الشعر.
وصايا
ومن ثم يقدمون توصيفاتهم وآراءهم بدقة وتجرد وحيادية، ليضيئوا على المآخذ والعيوب، ويشيدوا بجوانب التميز، بشكل واضح لا مراءاة أو مجاملة فيه، وبعيداً عن أي تجريح أو شخصنة أو غائية. ويختم سموه قصيده مشدداً على أهمية حضور النقد البنّاء وانتعاشه وتأثيره، كونه ماء حدائق الشعر وما يكفل أن نخصّب أرض زروعه، فيجعلنا نقطف أطيب الثمار.
