مبدعون: منجز الإمارات الشعري يثري المسرح

فرص هائلة بانتظار المسرح الإماراتي في الشعر |
فرص هائلة بانتظار المسرح الإماراتي في الشعر |

نشأ المسرح مرتبطاً بالشعر، لا بل كان المسرح في بداياته نصاً شعرياً خالصاً، ولعل من الجدير ذكره هنا أن أشهر ممثلي المسرح الحديث: الإنجليزي ويليام شكسبير الذي كان شاعراً، وكتب مسرحياته شعراً، وفقط بعده بعقود تحول المسرح إلى النثر.

وفي العالم العربي، كان رواد المسرح يكتبون مسرحياتهم شعراً أو مقطوعات حوارية زجلية على نحو ما كان يفعل مسرحيو قدماء اليونان والرومان وكلاسيكيي المسرح الفرنسيين، وبقي الأمر كذلك مع المسرح العربي حتى عام 1920.

حيث بدأنا نشهد طغيان المسرح النثري على الخشبة وحواراتها، إلى درجة بات البعض معها لا يتصور أي علاقة بين الشعر والمسرح، والأهم بدا الأمر كما لو أن المسرحيين تخلوا عن الشعر ولم يعودوا بحاجة إليه، وأن الشعراء زهدوا بالمسرح ولم يعودوا يكترثون به.

وفي المجال الإماراتي هناك حديث طويل وكثير عن تأثير الراحل أحمد راشد ثاني الشاعر والباحث التراثي والكاتب المسرحي المعروف الذي رحل في 2012، والذي شكل في إنجازه تماس وتمازج جميل بين لونين إبداعيين هما: الشعر والمسرح.

الفنون

ناجي الحاي
ناجي الحاي

فما هي حقيقة علاقة الشعر بالمسرح، والمسرح بالشعر اليوم، هذا هو السؤال الذي طافت به «البيان» على بعض المبدعين، حيث أشار الكاتب والمخرج المسرحي ناجي الحاي إلى أن المجتمع المسرحي انعزل عن مجالات الإبداع والفنون الأخرى.

وهذه مفارقة كبيرة برأيه لأن المسرح «أبو الفنون» وفيه تمتزج كل الفنون الأخرى وتنصهر بداخله، كي يتم إنتاج فن آخر هو فن المسرح، ويشدد:

«لا بد من التعاطي مع الفنون والآداب الأخرى التي تشكل عناصر المسرح كلها، لا يمكن أن يكون لدينا قدرة على تقديم مسرح جميل دون أن تكون لدينا علاقة بالفن التشكيلي ومعرفة بمدارسه، كما أن هناك ما يتعلق بالذائقة السمعية، فلا بد أن يكون لدينا فهم بالموسيقى، وكذلك قدرة على فهم الشعر، وكيفية صياغة المفردات».

قارئ جمعي

ويرى الحاي أن ثمة شيئاً يتوجب معالجته، فيقول: «المشكلة أن البعض يعتقد أن الفنون يمكن أن تعيش منفردة، وفي الواقع هذا ممكن، فالفن التشكيلي والقصة والرواية والموسيقى كل منها يمكن أن يعيش منفرداً، ويتعامل مع الجمهور بنفسه، إلا المسرح.

وأكد أن المسرح قارئ جمعي يقرأ باسم الجمهور، وهو يقرأ الموسيقى والشعر والأدب والرواية والقصة ومختلف الفنون والإبداعات، والمسرح الجيد هو الذي يقدم قراءاته المتنوعة في كل هذه الفنون والألوان الإبداعية على الخشبة، وخصوصاً الشعر، مضيفاً: «في رأيي الشخصي الشعر هو الحالة المتقدمة في الأدب».

واختتم حديثه بالإشارة إلى الراحل الشاعر أحمد راشد ثاني فيقول: «هو نتاج المسرح وهو بالأصل شاعر موهوب، امتزج في كلاهما على نحو مبدع، وهذا بالذات ما أثر بي وألهمني كثيراً خلال مسيرتي الفنية، وأقل شيء تعلمت من تجربته أن المفردة المسرحية ليست عادية، بل يجب أن تكون مفردة قادرة على إيصال المحمولات الانفعالية لدى الشخصية المسرحية».

استفادة وتأثر

جمال مطر
جمال مطر

من جهته، أشار الكاتب والمخرج المسرحي الإماراتي جمال مطر إلى البدايات الشعرية للمسرح، وأضاف: «فات الوقت على العلاقة القسرية بين اللونين الإبداعيين المسرح والشعر، لكن يمكن أن يثري أحدهما الآخر بالاستفادة المتبادلة.

وهذا يجب ويمكن أن يحصل مع الألوان الإبداعية الأخرى، مثل القصة والرواية، فالاستفادة متحصلة وإن لم تتم ترجمتها في أعمال إبداعية، فالمسرحيون بثقافتهم وذائقتهم متأثرون بالشعر وغيره بحكم قراءاتهم».

حضور باقٍ

يوسف أبو لوز
يوسف أبو لوز

في هذا السياق، يُذكّر الشاعر والإعلامي يوسف أبو لوز أن هناك شعراء كثيرين كتبوا المسرح، وأن في الأدبيات النقدية هناك مصطلحاً راسخاً هو «المسرح الشعري»، مضيفاً:

«المسرح عموماً يستهوي الشعراء لأنه يقوم على الحوار والسرد معا، السرد إلى حد ما والحوار بمقدار أكبر بكثير، والكثير من الشعراء سرديون في نصوصهم، ويجب ألا ننسى أن المسرح عند اليونان والرومان والثقافات القديمة كان هو الشعر.

لذا فإن علاقة الشعر بالمسرح علاقة تاريخية تأسيسية». وحول استفادة المسرح الإماراتي من الشعر أكد أنه يود لو يرى المسرح يستفيد من المنجز الإبداعي في الإمارات، في القصة والرواية وليس فقط من الشعر.

مستذكراً مجموعة من الأسماء الأدبية الإماراتية التي يرى أنها جديرة بلفت الاهتمام المسرحي، مثل عبدالحميد أحمد، وسلمى مطر سيف، وناصر الظاهري، وإبراهيم مبارك، وسالم الحنكي، وناصر جبران، وعلي أبو الريش، قائلاً إن كل هذه الأسماء قدمت إبداعات يمكن أن تثري المسرح الإماراتي.

علاقة وطيدة

ميرة القاسم
ميرة القاسم

الشاعرة والفنانة التشكيلية الإماراتية ميرة القاسم أكدت أن العلاقة بين المسرح والشعر وطيدة منذ زمن، وفي الإمارات تحديداً هناك تجارب عديدة ذكرت منها تجربة الراحل أحمد راشد ثاني.

حيث ترى أنه شاعر مبدع وهو ابن التجربة المسرحية أصلاً ولد فيها وعاشها، وخبر جوانبها من تمثيل وكتابة وغيره، لافتة إلى أن العلاقة بين الشعر والمسرح لم تعد قسرية، فهما أصبحا لونين إبداعيين مستقلين ولكن يمكن لكل لون منهما أن يستفيد من الآخر دون أن يستسلم له.