وأوضح الياسي أن الموسيقى هي اللغة الفكرية والوجدانية والثقافية الجميلة للعالم، وبالأخص الموسيقى العربية، وأن المحافظة عليها تتطلب مسؤولية مشتركة من جميع الجهات المعنية بالأمر، مشيراً إلى أن هناك تحديات كبيرة جداً أمام الجيل الجديد والأجيال القادمة مع الانتشار الكبير لظاهرة الموسيقى الهابطة، الأمر الذي يوجب تكاتفاً جماعياً للحد من بعض السلبيات.
وذكر أن الموسيقى العربية شهدت تطوراً عبر الأجيال منذ نشأتها، وتأثرت بالثقافات الموسيقية المجاورة لها، وأن الموسيقيين العرب طوَّعوا الآلات الغربية ومزجوها بالنغمة العربية الأصيلة، مثل الساكسفون والجيتار والكلارنيت وغيرها، وأدخلوا إيقاعات الجاز والتانغو واللاتيني لموسيقاهم، كما فعل الموسيقار المصري الراحل محمد عبد الوهاب، مؤكداً إمكانية تقديم الموسيقى العربية في قالب جديد، مع المحافظة على الهوية والطابع الطربي الأصيل لها.
وقال: «في دبي، تحديداً، نرى جهوداً واضحة من مؤسسات ثقافية وفنية في إعادة تقديم الموسيقى العربية الأصيلة عبر مهرجانات كـ«أمسيات دبي»، و«موسيقى من الشرق»، وغيرهما»، منوهاً بأن هذه الفعاليات أسهمت في إعادة تشكيل ذائقة الجيل الجديد، خاصةً حين تتقاطع الأصالة مع تقنيات عرض حديثة تجذب اهتمام الشباب.
ولفت إلى أن ندرة المساحات الإعلامية التي تحتفي بالطرب الأصيل، وغياب مناهج تعليمية فنية تُعرِّف بالنماذج الكبرى من أمثال أم كلثوم ومحمد عبد الوهاب وفيروز، من العوامل أيضاً التي قلّصت فرص الاحتكاك بالموسيقى الكلاسيكية، موضحاً أن التحدي ليس في الرفض، بل في طريقة التقديم، وأن المعادلة الناجحة تكمن في التوازن بين الحفاظ على الروح الأصلية للعمل الموسيقي، وتقديمه بلغة العصر.
وتحدَّث عن إمكانية الاستفادة من التقنيات الحديثة في التوزيع الصوتي، وتصميم العروض، وإدماج الآلات الشرقية مع مؤثرات رقمية دون الإخلال بجوهر العمل، مؤكداً أن التعاون بين الأصوات الشابة والفنانين المخضرمين، وتقديم أعمال الطرب الكلاسيكي بأسلوب مبسط على المنصات الرقمية، كل ذلك قادر على بناء جسر تواصل حقيقي بين الأجيال، بحيث تُخاطب الموسيقى الجديدة الإحساس دون أن تفقد مرجعيتها الثقافية.