بفارق زمني يبلغ حوالي 1.25 ملي ثانية أقل من الـ86,400 ثانية المعروفة، فإن هذا التغير لا يثير ملاحظة فورية، لكنه يحمل في طياته دلائل على اتجاه غامض يُحيّر العلماء والمتخصصين، وهو أن الأرض تزداد سرعة في دورانها، بعد عقود من التباطؤ، وما زال سبب ذلك غير واضح تمامًا.
فاليوم الحقيقي، وهو اليوم النجمي، يُعبر عنه بأنه الفترة الزمنية التي تستغرقها الأرض لإتمام دورة كاملة بمقدار 360 درجة بالنسبة للنجوم الثابتة في السماء، ويبلغ مدتها حوالي 23 ساعة، 56 دقيقة، و4.1 ثوانٍ، وفقًا لموقع EarthSky. هذا هو اليوم النجمي، الذي يفسر ظهور النجوم والكواكب في الأفق الشرقي قبل وقت معين من شروق الشمس، ويشرح أيضًا تغير مشهد السماء عبر الفصول، إذ أن الأرض، أثناء دورانها حول محورها، تسير أيضًا في مسارها المداري حول الشمس.
ومع ذلك، فإن أقصر يوم على الإطلاق سُجل في 5 يوليو 2024، حين كان أقل بـ1.66 ملي ثانية عن الـ24 ساعة.
وعلى الرغم من أن بعض النظريات تشير إلى أن ظاهرة الاحتباس الحراري قد يكون لها دور، إلا أن السبب الأكثر ترجيحًا هو تباطؤ حركة لب الأرض السائل، مما يجعل باقي الكوكب يدور بسرعة أكبر.
ومن جانب اخر يشير العلماء إلى أن تسارع دوران الأرض يزيد من قوة الطرد المركزي، ما يؤدي إلى دفع مياه المحيطات من القطبين نحو خط الاستواء.
وقد يؤدي ارتفاع طفيف في سرعة دوران الأرض بمقدار ميل واحد فقط في الساعة إلى ارتفاع منسوب المياه بعدة بوصات في المناطق الاستوائية، وهو ما قد يغرق المدن الساحلية المنخفضة التي تواجه أصلاً تهديدات من ارتفاع البحار.
أما في السيناريوهات الأكثر تطرفًا، حيث تزيد سرعة دوران الأرض بمقدار 100 ميل في الساعة، فإن أجزاء واسعة من المناطق الاستوائية قد تُغمر بالكامل، نتيجة اندفاع المياه من القطبين نحو الجنوب.
لا تقتصر التغيرات على الجغرافيا فقط، إذ إن تسارع دوران الأرض قد يؤدي إلى تقليص طول اليوم الشمسي إلى 22 ساعة، ما يعطل الإيقاع البيولوجي للإنسان، أو ما يُعرف بالساعة البيولوجية. وأكدت دراسات سابقة أن تغيرات طفيفة مثل التوقيت الصيفي ترتبط بزيادة معدلات النوبات القلبية، السكتات الدماغية، وحوادث السير، مما يشير إلى أن تغيّرات دائمة قد تكون أكثر خطورة.
كما حذّر الدكتور ستين أودينوالد، عالم الفلك في وكالة ناسا، من أن الطقس سيزداد تطرفًا مع تسارع دوران الأرض، حيث ستزداد قوة تأثير "كوريوليس" المسؤول عن دوران العواصف، ما يؤدي إلى أعاصير أسرع وأكثر تدميرا.
ويتم تتبع هذه التغيرات الدقيقة في دوران الأرض باستخدام الساعات الذرية، التي تعتمد على تذبذب الذرات في غرفة تفريغ لقياس الزمن بدقة بالغة، وتشكّل المرجع العالمي لتوقيت "UTC
