«سنة الطبعة 1925».. وفاء لأبطال البحر وتوثيق لذاكرة الخليج

«سنة الطبعة 1925»، للكاتبة الإماراتية فاطمة حمد بوعيسى الشامسي، هي رواية صدرت في جزأين، أبطالها الأجداد، تسرد أحداثاً مأخوذة من حقيقة تاريخية، وتتناول الكارثة البحرية التي حدثت عام 1925، والمعروفة بـ«سنة الغرق» أو «الطبعة»، عندما ضربت عاصفة قوية سواحل الخليج وراح ضحيتها الكثير.

الكتاب من تقديم أحمد محمد بن ثاني وشيخة بن علي النعيمي ويوسف نامي بن حامد، ومراجعة وتقديم جمعة خليفة بن ثالث الحميري.

تقول فاطمة الشامسي في كتابها وهي تتخيل ذلك الزمان: «جلست يوماً على شاطئ البحر الهائج نوعاً ما.. تخيلت وجودهم في أبعد نقطة يشيرون إلينا مبتسمين، يلوحون بأيديهم الخشنة، وبشرتهم السمراء، وأجسادهم النحيلة، يقولون لنا شكراً لأنكم مررتم هنا.. إلى جدي ووالدي غفر الله لهم.

لم أكن أعلم أن الغوص عذاب النهار وغربة الليل.. ‏إلى ذلك الجيل العظيم في كل شيء، اعذروا تقصيرنا، فقد شغلتنا الدنيا عن المرور عليكم في زمن كنتم فيه أبطال التاريخ».

يعكس العمل شغف الكاتبة بالتاريخ الخليجي القديم، وتوثيق تفاصيله اليومية والثقافية، وتكمن قوته في المزج بين الطابع الروائي والتوثيقي؛ إذ يقدّم سرداً يمس القلب ويغوص في غنى المجتمعات البحرية الخليجية.

الإصدار يناسب محبّي الروايات التاريخية التي تربط بين الحدث الاجتماعي والخصائص الثقافية للمجتمعات الخليجية، وتقدر السرد المفصّل المستند إلى مصادر تاريخية، فـ«سنة الطبعة 1925» يستحق القراءة. هي أيضاً إضافة مميزة لأي شخص يبحث عن إحياء ذاكرة موثقة لأجداد هذه المنطقة.

وتناولت الكاتبة في روايتها «سنة الطبعة» التي استغرقت وقتاً طويلاً من البحث والتوثيق، الكارثة الطبيعية التي اجتاحت الخليج عام 1925، حيث لفظت الشواطئ الكثير من الغاصة بعيداً عن أوطانهم، وانحرفت السفن عن مسارها؛ لقوة وندرة العاصفة، فقد اختلطت الأمطار الغزيرة بالرمال التي جلبتها الرياح من المناطق الصحراوية، لكن أهل الخليج تجلوا في أسمى صور التكاتف.

وقد استندت الكاتبة فاطمة الشامسي إلى شهادات كبار السن والمصادر التاريخية، موثقة تأثير العاصفة في البحارة وعائلاتهم، حيث ذهب جهد أربعة أشهر من البحث عن اللؤلؤ.

وكان التحدي الأكبر هو جمع اللهجات الخليجية المختلفة في نسيج قصصي متماسك، يعكس عمق التجربة وروح التعاون التي وحدت المنطقة.

وتتلخص رسالة الرواية في أن العاصفة اجتاحت البر والبحر، لكنها لم تنل من إيمان أهل الخليج وصبرهم، الذين تجلدوا بالصبر العظيم وكانوا بيتاً واحداً في لم شتات نفوسهم المبعثرة بصدمة الحدث.

يذكر أن روايات عدة صدرت للكاتبة، جمعت فيها التاريخ والتوثيق، وأن كتاباتها تحمل بصمة أدبية، وتُظهر أسلوباً عاطفياً وجدانياً في مخاطبة الأجيال السابقة.