عمره 23 ألف عام.. اكتشاف بناء بشري أقدم من أهرامات مصر

في مفاجأة هزت التصوّرات التاريخية، اكتشف العلماء أقدم هيكل بناه الإنسان في العالم، يتجاوز في عمره أهرامات الجيزة المصرية بآلاف السنين.

داخل كهف "ثيوبيترا" باليونان، تم العثور على جدار حجري بُني قبل أكثر من 23 ألف عام، أي قبل نحو 16 ألف سنة من تشييد الهرم الأكبر في الجيزة، أحد أشهر المعالم الأثرية في التاريخ البشري.

الكهف الذي يقع في منطقة تساليا باليونان، استُخدم كمأوى للبشر على مدى آلاف السنين، وقد عُثر بداخله على أدوات حجرية، وآثار نيران، وحتى بصمات أقدام لأطفال، ما يثبت أن الإنسان القديم عرف كيف يبني ويؤمّن حياته في مواجهة قسوة الطبيعة.

الهيكل الذي وُصف بأنه أقدم بناء بشري معروف، هو جدار حجري جزئي أغلق مدخل الكهف.

ويُعتقد أن الغرض منه كان حماية سكان الكهف من البرد القارس خلال العصر الجليدي.

اعتمد العلماء على تقنية تُعرف باسم "التحفيز الضوئي البصري"، وهي تقنية تُمكّن من تقدير المدة التي انقضت منذ تعرض حبيبات المعادن كالتراب أو الرمل لضوء الشمس آخر مرة، ما يتيح تحديد عمر المواد المدفونة أو المحمية من الضوء، وبفضل هذه الطريقة، تم تأريخ الجدار بنحو 23 ألف سنة مضت.

كهف ثيوبيترا

لا تقتصر أهمية كهف ثيوبيترا على الجدار، حيث تبيّن أن البشر عاشوا فيه لأكثر من 13 ألف سنة، بدءاً من العصر الحجري القديم الأعلى وحتى العصر الحجري الحديث، وقد كشفت الحفريات عن طبقات مختلفة تحتوي على آثار تعود لفترات زمنية متباينة، مثل المواقد البدائية، وأدوات القطع الحجرية، وآثار الأطفال.

ويعد هذا الجدار الحجري أقدم بناء بشري عثر عليه حتى الآن، وأقدم ما اكتشف كان مستوطنة "تشاتالهويك" في تركيا، التي يعود تاريخها إلى نحو 7400 قبل الميلاد، وتُعد من أوائل النماذج الحضرية في تاريخ البشرية. ومن بعدها ظهرت منشآت ضخمة أخرى في أوروبا مثل "ستونهينج" الشهير في بريطانيا، الذي شُيّد ما بين 5000 و3000 قبل الميلاد.

يقف ذلك الجدار شاهداً على ذكاء الإنسان القديم وقدرته على البناء والتنظيم والتكيّف مع بيئته.

وقد غيّر هذا الاكتشاف النظرة التقليدية إلى البدايات المعمارية للبشر، وأكد أن الإنسان امتلك حساً إبداعياً واجتماعياً منذ آلاف السنين.

ورغم أهمية هذا الموقع الأثري، إلا أن كهف ثيوبيترا مغلق حالياً أمام الزوّار، نظراً لحساسيته التاريخية واحتوائه على دلائل مهمة عن الحضارات القديمة، ويجري الحفاظ عليه بعناية لكي يواصل العلماء دراسته، وفهم المزيد عن تطوّر الإنسان عبر العصور.

يفتح هذا الاكتشاف الآفاق أمام البشرية لفهم أعمل ومعلومات أدق حول الحضارات القديمة، ليمنحنا لمحة ثمينة عن ذكاء الإنسان الأول.