لعنة المليار دولار تطارد "آفاتار نار ورماد".. هل تضحي ديزني بأعظم أساطيرها السينمائية؟

في لحظة فارقة قد تغير وجه هوليوود للأبد، يواجه المخرج الأسطوري جيمس كاميرون اختباراً هو الأصعب في مسيرته؛ فبينما يهرب الجمهور إلى عوالم "آفاتار" الخيالية، تكشف لغة الأرقام عن حقائق صادمة قد تجعل الجزء الثالث هو "نهاية الرحلة".

فهل تنجح ميزانية الـ 400 مليون دولار وشعب "الرماد" الجديد في إنقاذ إرث كاميرون، أم أن السينما التقليدية تحتضر فعلياً تحت وطأة المتغيرات الاقتصادية الجديدة؟

هرب جمهور السينما بكثافة نحو عالم الخيال العلمي الذي صنعه جيمس كاميرون، مما دفع الجزء الثالث "نار ورماد" (Fire and Ash) لتحقيق 88 مليون دولار محلياً في افتتاحية أمريكية  أقل من التوقعات التي طمحت لتجاوز 100 مليون دولار.

ورغم حصد الفيلم لـ 345 مليون دولار عالمياً في أيامه الأولى، إلا أن المقارنة التاريخية تبدو قاسية؛ حيث افتتح الجزء الأول عام 2009 بـ 115 مليون دولار (بعد تعديل التضخم)، بينما حقق الجزء الثاني 134 مليون دولار، مما يضع الجزء الحالي تحت ضغط هائل لاستعادة الزخم المفقود.

وتكمن المعضلة الكبرى في "عتبة الربحية"؛ فبميزانية إنتاج تقترب من 400 مليون دولار، يضاف إليها تكاليف تسويق عالمية قد تصل إلى 200 مليون دولار، يحتاج الفيلم وفقاً لمحللي "فوربس" لتجاوز حاجز 1.2 مليار دولار ليبدأ في تحقيق ربح حقيقي.

ولا يتوقف رهان "ديزني" على السوق الأمريكي فحسب، بل يمتد إلى السوق الصيني الذي يمثل شريان الحياة للسلسلة، وسط مخاوف من تنامي المنافسة المحلية هناك وتغير ذائقة الجمهور الصيني التي لم تعد تكتفي بالإبهار البصري الغربي وحده.

من الناحية التقنية، يُبرر كاميرون هذه التكاليف الفلكية بكونها استثماراً في تقنيات "التقاط الأداء" الثورية وبرمجيات الذكاء الاصطناعي التي استخدمت لأول مرة لتحويل تعابير الممثلين رقمياً بشكل لحظي.

ومع ذلك، اعترف كاميرون في تصريحات لشبكة "سي إن إن" بأن مستقبل الجزء الرابع والخامس مرهون بنجاح "نار ورماد" تجارياً، واصفاً الصناعة بأنها تقترب من نقطة اللاعودة اقتصادياً نتيجة ضغوط الإنفاق الاستهلاكي التي جعلت العائلات تختار فيلماً واحداً كـ "حدث فصلي".

ولا يتوقف التحدي عند الأرقام، بل يمتد إلى الرهان الفني؛ حيث يقدم كاميرون لأول مرة "شعب الرماد" كجانب مظلم وعدواني لشعب النافي، محطماً الصورة المثالية للقبائل الزرقاء.

كما اعتمد الفيلم تقنية العرض فائق السرعة (48 إطاراً في الثانية)، وهي تكنولوجيا تضاعف سلاسة الحركة وتلغي (التشويش) المعتاد في الأفلام التقليدية لتجعل الصورة تبدو كأنها حقيقة حية أمام العين، وذلك بالتزامن مع تصوير أجزاء من الفيلم الرابع لتفادي كبر سن الممثلين.

هذه المقامرة التكنولوجية ترفع سقف المخاطرة؛ ففشل الجزء الثالث لا يعني خسارة ميزانية واحدة، بل انهيار بنية تحتية سينمائية استثمرت فيها ديزني مليارات الدولارات للسنوات القادمة."

"ومما يزيد من تعقيد الموقف، تشير بيانات  وهي المقياس الأدق لآراء الجمهور - إلى أن بقاء الفيلم في الصدارة يعتمد كلياً على نيل رضا المشاهدين الأوائل؛ فبدون تقييمات جماهيرية مرتفعة، سيفقد الفيلم زخمه سريعاً ولن يتمكن من جمع المليارات اللازمة لتغطية تكاليفه الضخمة في الأسابيع المقبلة."

وبينما تعتمد ديزني على أسعار تذاكر (IMAX) التي تساهم بنحو 55% من إيرادات الافتتاح لتعويض نقص الحضور، يبرز تهديد جديد من "الأفلام المتوسطة" التي تحقق هوامش ربح خيالية بمخاطر شبه معدومة، مما يضع استراتيجية الميزانيات المليارية تحت مجهر التشكيك من قبل مستثمري "وول ستريت".

إن مصير إرث كاميرون السينمائي وجدول ديزني الممتد حتى عام 2031 سيتحدد بناءً على ما يُعرف بـ "الأرجل الطويلة" للفيلم، وهي قدرته على جذب الجماهير المتكررة لعدة أشهر وليس فقط في أسبوعه الأول.

فإذا فشل الفيلم في الحفاظ على زخمه العالمي وتجاوز عقبة المليار دولار سريعاً، فقد تضطر الاستوديوهات لإعادة النظر في الميزانيات المليونية والتحول نحو أنماط إنتاج أقل مخاطرة، مما يعني أن تعثر "آفاتار" سيكون إعلاناً رسمياً لتغير قواعد اللعبة في هوليوود للأبد.