الضربة القاضية للسينما التقليدية.. "قاتل الشياطين" يكسر الأرقام القياسية ويثبت أن المستقبل للأنيمي

لطالما نظر صناع السينما في هوليوود إلى أفلام الأنيمي باعتبارها فئة فنية محدودة، تخدم جمهوراً متخصصاً وتحقق إيرادات متواضعة لكنها مستقرة، كانت هذه قناعة راسخة لسنوات، لم يجرؤ أحد على تحديها.

لكن في هدوءٍ غير متوقع، ظهر بطل جديد على الساحة ليُعيد تعريف قواعد اللعبة، لم يكن هذا البطل فيلماً أمريكياً ضخماً، بل كان "قاتل الشياطين: قلعة اللانهاية"، الذي لم يكتفِ بكسر الأرقام القياسية، بل أجبر صناعة السينما بأكملها على التفكير في إمكانيات الأنيمي غير المحدودة.

هذه ليست مجرد قصة نجاح عابرة، بل هي لحظة مفصلية تُعلن فيها أنيمات الأنيمي عن قدومها كقوة اقتصادية وثقافية لا يمكن تجاهلها.

ورغم انخفاض إيرادات الفيلم، الذي توزعته شركة "كرانشيرول" المملوكة لسوني، بنسبة 76% عن عطلة نهاية الأسبوع الافتتاحية، إلا أنه حافظ على المركز الأول في شباك التذاكر، محققاً 17.3 مليون دولار من يوم الجمعة حتى الأحد، وبذلك يصل إجمالي أرباحه إلى 104.73 مليون دولار بعد تسعة أيام فقط من عرضه في دور السينما بالولايات المتحدة.

توقعات متغيرة

كان النجاح الكبير لفيلم أنيمي أمراً متوقعاً، لكنه لم يحدث بهذا الحجم من قبل. فمنذ عام 2000، صدر أكثر من 100 فيلم أنيمي، لكن لم يصل أي منها إلى حاجز الـ 50 مليون دولار في شباك التذاكر المحلي.

ويُظهر استطلاع رأي أُجري في يناير 2024 أن 42% من جيل الألفية الجديدة (Gen Z) يقولون إنهم يشاهدون الأنمي أسبوعياً، مما يفسر جزءاً من هذا النجاح.

كما ساهم الإقبال النقدي على أحدث أجزاء سلسلة "قاتل الشياطين" في نجاحه، حيث حصل الفيلم على نسبة تأييد 98% في موقع "روتن توميتوز" (Rotten Tomatoes) وتقييم 69 في موقع "ميتاكريتيك" .

يقول بول ديرغارابيديان، رئيس اتجاهات السوق في شركة "كوم سكور" : "أعتقد أن رؤساء الاستوديوهات ودور السينما يجب أن يكونوا سعداء للغاية، لأنه إذا أصبح هذا الأمر توجهاً وليس مجرد حالة استثنائية، فسيضيف فئة جديدة من الأفلام إلى محتوى الشاشة الكبيرة".

يُعد الاهتمام المستمر الذي يحظى به فيلم "قلعة اللانهاية" من جيل الألفية الجديدة وجيل ألفا هو المحرك الرئيسي ليس للفيلم فحسب، بل لفئة الأنمي بشكل عام، وقد وفّر هذا النجاح المفاجئ لشركتي سوني وكرانشيرول.

ويؤكد ديرغارابيديان أنه من "الأمر غير المسبوق إلى حد ما" أن يحقق فيلم أنيمي عالمي هذا الأداء الجيد محلياً.

من جانبه، يرى شون روبنز، مدير التحليلات في" فاندانغو" ، أن الإقبال على الفيلم من قبل فئة الشباب "يمكن أن يكون سيفاً ذا حدين"؛ فالاهتمام قد يتلاشى بسرعة أو يكتسب زخماً بجذب جماهير جديدة، وهو ما يذكّر بالنجاح الساحق الذي حققه فيلم "ماينكرافت" من إنتاج وارنر براذرز هذا العام، والذي حقق 162.75 مليون دولار في عطلة نهاية الأسبوع الافتتاحية، ووصلت إيراداته الإجمالية إلى 424 مليون دولار.

ويرى روبنز أن افتتاحية "قلعة اللانهاية" القياسية قد وسّعت قاعدة جمهور الأنمي في الولايات المتحدة، ودفعت روّاد السينما الذين لم يكونوا ليفكروا في مشاهدة فيلم "قاتل الشياطين" إلى تجربته.

أصبح فيلم "قلعة اللانهاية" يوم الجمعة الأعلى تحقيقاً للإيرادات بين أفلام الأنمي في الولايات المتحدة، متجاوزاً بذلك رقماً قياسياً كان مسجلاً باسم فيلم "بوكيمون: الفيلم الأول - هجوم ميوتو" الذي أُنتج عام 1999 وحقق 85 مليون دولار.

وفي الوقت الذي تصدّر فيه "قلعة اللانهاية" شباك التذاكر، جاء في المركز الثاني فيلم "هيم" (Him) من إنتاج يونيفرسال بيكتشرز ومونكي باو برودكشنز، الذي حقق 13.5 مليون دولار في افتتاحيته، وهو ما كان أقل من التوقعات.

وقال ديفيد إيه غروس، مؤلف النشرة الإخبارية الصناعية "فرنشايز ري"، إن جوردان بيل، أحد منتجي فيلم "هيم"، هو "المسؤول الأول" عن نجاحه رغم التقييمات الضعيفة من النقاد، حيث حصل على نسبة 29% في روتن توميتوز.

وجاء في المركز الثالث فيلم "كونجورينغ: الطقس الأخير" (Conjuring: The Last Rite) من إنتاج وارنر براذرز بإيرادات بلغت 12.95 مليون دولار.

وتشاركت في المركز الرابع كل من فيلمي "المسيرة الطويلة" (The Long Walk) من لاينزغيت، و "داتون آبي: الختام الكبير" (Downton Abbey: The Grand Finale) من فوكس فيتشرز، حيث حقق كل منهما 6.3 مليون دولار.

وإجمالاً، بلغت إيرادات شباك التذاكر في عطلة نهاية الأسبوع حوالي 75 مليون دولار، مقارنة بحوالي 83 مليون دولار في نفس الفترة من العام الماضي.