من الأعمال التي عرضت ضمن النسخة السابعة من مهرجان الإمارات الدولي للملصق
أشرعة فنية تنسدل كاشفةً عن لوحات لا تحمل مجرد رسومات، بل رسائل عميقة تتجاوز حدود الجغرافيا والثقافة، تضيء جوانب مختلفة من قضايا العصر، مقدمةً لغة بصرية آسرة ومحفزة للتأمل، تلتقي جميعاً ضمن النسخة السابعة من مهرجان الإمارات الدولي للملصق الذي احتضنته مؤخراً ندوة الثقافة والعلوم في دبي، لتعبّر عن مفاهيم مشتركة، هي الإنسانية والتواصل والتغيير إلى الأفضل.
وتعكس هذه المجموعة من الملصقات روح العصر بكل تناقضاته، بين البحث عن الذات في زحام الأفكار، والاحتفال بالوحدة في التنوع، والإيمان الراسخ بأن التصميم ليس مجرد شكل، بل هو أداة قوية لبناء عالم أفضل، ودعوة صامتة للنظر والتفكر، والمشاركة في همس الألوان وحوار الأشكال التي هي أشبه بشلال موسيقي صاخب، توحي بالتنوع اللوني والاحتفاء بالتعددية التي تخلق الوحدة.
وفي تكوين بصري يجمع بين أصالة الصورة الفوتوغرافية وفن الملصق الحديث، تجلَّت الهوية الوطنية وسط هذا الزخم الإبداعي الكثيف، في مشهد رمز إلى توارث المجد من جيل إلى جيل، وتلاحم براءة الطفولة مع عزم الشباب، وارتسمت في الخلفية صورة قديمة أعيد إحياؤها، تغرق في تدرجات رمادية.
ميرا عباس
وتوضح الفنانة الإماراتية ميرا عباس، إحدى المشاركات في المهرجان بالملصق الذي يعبّر عن «عام المجتمع»، أنها وظفت ألوان علم الإمارات التي اعتمدتها في كتابة جملة «بالترابط نكبر ونقوى»، مشيرةً إلى أنها اختارت صورة القائد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، مع مجموعة من الأطفال في لقطة أبوية تعكس الود والتواضع.
وتقول ميرا: «شعرت أنه ليس ثمة أبلغ من هذه الصورة التي استعملت فيها الألوان الأربعة: الأحمر والأخضر والأبيض والأسود، وتختزل كثيراً من المعاني العميقة في سيرة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وتجسّد مفهوم عام المجتمع بما فيها من روعة تجمع القائد بالنشء، وتصوّر مدى الترابط الاجتماعي والعاطفة الصادقة».
وتحت شعار «عام التراث المتواصل - تراث موحد بالتقدم المؤيد للمجتمع»، تشابكت الحروف الأولى من جملة الملصق الذي تقاطع فيه الماضي بالحاضر، وأطل الزمن كحلقة وصل، مؤكداً أن الجذور المتعددة هي أساس الاتصال، وأن الاعتراف بتنوع الموروثات هو نقطة الانطلاق، ضمن بيان فلسفي يدعو إلى نظرة تصوغ المستقبل المشترك على أساس من الإرث المتصل والجهد المتحد.
مارية دلول
وتشير الفنانة الفلسطينية مارية دلول، إحدى المشاركات في المهرجان الذي يحتفي بالتراث، إلى أنها مالت إلى استعمال الأبيض والأسود في عملها دون أي ألوان أو أشكال أخرى ليوصل المعنى بوضوح، مبينةً أن الرسالة المقصودة من التصميم هي وحدة المجتمع وعدم وجود اختلافات تحول دون ارتباط الثقافات.
وتقول مارية: «حاولت جمع الكلمات والحروف في صورة واحدة ضمن هذا العمل الذي يُعدّ أول تجربة لي معروضة»، منوهةً بالدور المهم الذي ينهض به معرض النسخة السابعة من مهرجان الإمارات الدولي للملصق في سبيل إطلاع المجتمع على باقة من الأفكار المتنوعة، وتمكين المبدعين من توصيل رؤاهم عبر إبداعات متنوعة واستلهام أفكار الآخرين.
وفي لوحة حملت عنوان «أصوات كثيرة، وتناغم واحد»، اتضحت روعة المحاكاة بين التصميم والموسيقى، إذ اشتملت على شطرين متقابلين، فصل بينهما حاجز يشكّل نقطة التقاء الجانب الأزرق بالجانب المعتم، واكتسى الجانب الأول بلون هادئ يرمز إلى السكينة والعمق، وربما العزلة أو الصفاء، في حين ظهر الشطر الثاني بلونين أبيض وأسود، كأنه صوت انطلق للتو.
سلمى وادي
وتبيّن الفنانة المصرية سلمى وادي، إحدى المشاركات في المهرجان بالملصق الذي يجسّد مفهوم الانفتاح، أنها أرادت التعبير عن التنوع والاتحاد في آن واحد، فرأت أن الموسيقى هي أمثل طريق لرسم هذا التصور الذي يميّز المجتمع الإماراتي، لافتةً إلى أنها استخدمت في خلفية العمل النشيد الوطني الإماراتي لتؤكد ارتباط الفكرة بهذا الوطن الذي يضم الجميع على أرض واحدة.
وتقول سلمى: «في العصر الراهن، تمثل الموسيقى الأسلوب الأبلغ في التعبير عن مشاعر البشر وخلجات خواطرهم؛ نظراً إلى أنها لغة عالمية قادرة على توصيل الفكرة بسهولة ويسر»، موضحةً أن بساطة الرسالة وعمقها معاً كانا حافزين إلى أن تسعى لتوظيف النوتات الموسيقية ضمن نسيج هذه اللوحة الإبداعية.