راشد الملا: «مئة قصة وواحد» دعوة للخيال وكسر القوالب



صورة العمل الفني «مئة قصة وواحد»
صورة العمل الفني «مئة قصة وواحد»

في عالم يغلب عليه التكرار البصري والتقنيات الرقمية، يطلّ الفنان الإماراتي راشد الملا بمشروع فني فريد يحمل عنوان «مئة قصة وواحد»، يستدعي فيه الخيال، ويُحرر فيه الطبيعة من قيود الشكل، ويمنح عناصر بسيطة كالشجرة والطائر والقارب أبعاداً سردية وجمالية جديدة. المشروع بدأ كتحدٍّ شخصي، وسرعان ما تحوّل إلى رحلة بصرية غنية بالقصص والتأملات.

«البيان» التقت الفنان راشد عبدالله الملا في هذا الحوار، ليحدثنا عن بدايات الفكرة، وما وراء كل خطٍ ولون، وكيف يمتزج الخيال بالتراث في تجربته الفنية.

كيف وُلدت فكرة عملك الفني «مئة قصة وواحد»، وما الرسالة التي تسعى لإيصالها من خلاله؟

بدأت الفكرة عندما تحديت نفسي في توسيع آفاق مخيلتي، فرسمت أشجاراً من وحي الخيال، محاولاً تجاوز الإطار العام للشجرة المتعارف عليه. شيئاً فشيئاً، ازداد عدد الرسومات، وقررت أن أوصلها إلى مئة شجرة، كل واحدة تعبّر عن شعور أو قصة، بعضها مستوحى من حكايات مثل «القرود الثلاثة الحكماء». الهدف من المشروع هو دعوة للمشاهد لكسر النمط المعتاد، ورسم الأشياء بطريقته الخاصة، دون قيود. ومع الوقت، تطوّر العمل ليشمل أيضاً قصصاً تتمحور حول المراكب والطيور.

ما الذي تمثله لك العناصر البسيطة كالشجرة أو القارب أو الطائر حين تُعاد ترجمتها فنياً؟

أعتبر هذه العناصر مدخلاً لسرد حكايات قصيرة جداً، مستلهمة من الطبيعة أو تفاصيل الحياة اليومية. كما أن تأثري بالقصص والخرافات الشعبية جعل من هذه العناصر بداية لمجموعة أوسع من الحكايات البصرية التي أعمل على تطويرها.

كيف يسهم هذا العمل في تحفيز خيال المتلقي ورؤيته الخاصة للعالم؟

لاحظت أن الأطفال يتمتعون بخيال واسع ويرسمون بلا قيود، بينما يتجه الكبار إلى أشكال تقليدية مألوفة. من خلال هذا المشروع، أُحفّز المتلقي على التحرر من التفكير النمطي، وأن يرسم القارب أو الشجرة بالطريقة التي تعجبه، دون خوف من أحكام الآخرين.

هل واجهت تحديات أثناء تنفيذ هذا العمل؟ وكيف تغلبت عليها؟

التحدي الأساسي كان أن كل قصة، رغم صغرها، تحتاج وقتاً طويلاً لتُنفّذ بالشكل الذي أريده. عملت على هذه الرسومات لمدة تسعة أشهر، وحرصت خلالها على الالتزام بالوقت دون التنازل عن الجودة أو الفكرة.

كيف انعكست خلفيتك الهندسية على تكوين هذا العمل وعلى أسلوبك الفني عموماً؟

الهندسة ممتعة، لأنها تقوم على إيجاد حلول ضمن شروط وتحديات معينة، وهذا يشبه كثيراً ما أعيشه أثناء الرسم. كل عمل فني هو مشروع مستقل، له منطقه الخاص ومتعة تنفيذه.

كونك فناناً علمت نفسك بنفسك، ما الذي ميّز رحلتك الفنية عن غيرها؟

التعلم الذاتي منحني حرية كبيرة في تجربة كل الخامات والأساليب، بعيداً عن القوالب الجاهزة. بالطبع بدأت بتعلّم الأساسيات، ثم انطلقت بعدها لاكتشاف أسلوبي الخاص وتطويره بمرور الوقت.

ما العلاقة التي تربط بين الطبيعة والخيال في أعمالك؟

أعمالي لا تلتزم بالواقع، بل أُطلق فيها العنان للمخيلة. الطبيعة بكل مكوناتها من الأشجار إلى الزهور والحيوانات تتحوّل في أعمالي إلى عناصر مرحة أكثر منها واقعية، لذلك تربطني بها علاقة متجددة ومستمرة.

ما أهمية استحضار الفولكلور والعناصر الثقافية في تجربتك الفنية؟

بدأ حبي للقصص منذ الطفولة، خصوصاً تلك التي كانت ترويها والدتي. لا تزال هذه الحكايات تُلهمني حتى اليوم، وأسعى من خلالها لخلق قصص جديدة، سواء مستلهمة من الثقافة الإماراتية أو من ثقافات أخرى، لكنها تحمل رموزاً ورسائل فنية.

ما الخطوة التالية بعد «مئة قصة وواحد»؟ وهل من مشاريع مستقبلية في الأفق تحمل نفس الروح؟

بالتأكيد. سأستمر في هذا الخط الفني مع إضافة عناصر جديدة إلى جانب الأشجار والطيور والقوارب، كما أعمل حالياً على تجربة خامات مختلفة. لدي أيضاً تعاون مع أحد المطاعم لإنتاج كتاب تمارين فنية للأطفال، وهو المشروع الذي يشغل معظم وقتي الآن.