القاعة الشامية في دمشق.. رحلة في عوالم فنون القرن الـ 18

مسعود بدوي
مسعود بدوي

عندما تتنقل بين جنباتها، تأخذك القاعة الشامية في المتحف الوطني في العاصمة السورية دمشق في رحلة عبر الزمن، تتعرّف من خلالها إلى الاتجاهات الفنية الشامية التي كانت سائدة في القرن الثامن عشر، إذ تضم نماذج من العمارة التقليدية التي ما زالت تحفظ التراث الدمشقي الأصيل منذ ذلك التاريخ.

يعود تاريخ القاعة إلى عام 1737، وهي القاعة القديمة من قسم «السلاملك» في منزل الجد الأكبر لعائلة «عثمان مردم بيك»، قبل أن تصبح إرثاً للزعيم الوطني السوري «جميل مردم بيك» (1895 - 1960)، قبيل منتصف القرن الماضي.

حيث تم نقلها من منزله إثر حريق نشب في دمشق عام 1945 ليتم حفظها في المتحف الوطني. ومنذ افتتاحها رسمياً أمام الزائرين عام 1962، باتت القاعة جزءاً أساسياً من القسم العربي الإسلامي في المتحف ومن الهوية العمرانية والثقافية له.

وفي حديثه لـ«البيان» يقول الدكتور مسعود بدوي، نائب المدير العام للمديرية العامة للآثار والمتاحف: «تعكس القاعة الشامية بما تحمله من تكوين متكامل بيئة دمشق التقليدية.

فهي تضم البحرة الفستقية في الوسط، وصولاً إلى نقوش الرخام والزجاج المعشق وحفر الخشب المتقن، إضافة إلى العناصر المعمارية والزخرفية التي تحمل بصمة الدمشقيين في المزج بين أصالة الحرفة المحلية والتأثيرات العثمانية والأوروبية».

ويضيف بدوي: «تزين القاعة الشامية نماذج متعددة من الفنون، بدءاً من فن العجمي المعروف باسم «الدهان الدمشقي»، الذي يقوم على النقش والتذهيب واستخدام ألوان زاهية تضفي على المكان فرادته، مروراً بزخارف نباتية مستوحاة من الطبيعة.

وهندسية قائمة على تشكيلات المضلعات والنجوم، وصولاً إلى الزخارف الكتابية التي اعتمدت الخط العربي لتوثيق آيات قرآنية ونصوص شعرية، إلى جانب المقرصنات الجصية المميزة، والبحرة الداخلية، بحيث يعكس هذا التناغم الفريد أبرز سمات العمارة الدمشقية التقليدية».

ويتابع: «تمثل القاعة أيضاً تراث الضيافة الدمشقي، من خلال عناصر زخرفية أصيلة، بينها: الحفر على الخشب والجص المزخرف والترخيم على المصبات والمدفأة والبحرة الرخامية وزخارف السقف والجدران التي تعكس فن الأرابيسك الدمشقي».

ويبين بدوي أنه من مميزات القاعة أنها تمنح الزائر فرصة الاستمتاع بتجربة العودة عشرات السنين ليعيش أجواء تلك الفترة من حياة الدمشقيين، ومعرفة آليات الحياة اليومية للناس، وكيفية الاستفادة من العناصر المعمارية بالزخارف والكتابات في نشوء البيوت الدمشقية القديمة.