المضمون المعرفي يحدد خيارات القراء الورقية والرقمية

أكد كُتاب إماراتيون لـ«البيان» أن طبيعة المضامين المعرفية التي تجتذب القراء هي المحدد الرئيسي الذي يرجح خياراتهم الورقية والرقمية في الوقت الحالي.

لافتين إلى أن ملامح المستقبل تشي بأن التكامل بين نوعي الكتب (الورقية والرقمية) سيظل هو المشهد السائد، بحيث لن يختفي أحدهما لحساب الآخر، نظراً للسمات المميزة التي تدعو القارئ إلى التمسك بهما على السواء.

مكانة خاصة

خالد الهنداسي
خالد الهنداسي

وأكد الكاتب والباحث الإماراتي خالد بن جميع الهنداسي أن الكتب الرقمية لم تستطع أن تحل محل الكتب الورقية بصورة كاملة، على الرغم من انتشارها الواسع وسهولة الوصول إليها، مشيراً إلى أن الكتب الورقية ما زالت تحافظ على مكانة خاصة ترتبط بتجربة القراءة الحسية والوجدانية التي يصعب أن تعوضها الشاشات الإلكترونية.

وبخصوص المضامين الثقافية التي يفضل الكُتاب والقراء الإماراتيون التعامل معها في صورة كتب رقمية، قال الهنداسي: «يميل الكُتاب والقراء إلى التعامل مع الكتب الرقمية في مجالات المعرفة السريعة والمتغيرة، مثل التكنولوجيا، والتنمية الذاتية، والروايات الخفيفة، وأدب الرحلات»، لافتاً إلى أن السبب في ذلك يرجع إلى سهولة تحديثها والوصول إليها بسرعة عبر الأجهزة الذكية.

ورأى أن مستقبل القراءة سيكون تكاملياً بين الورقي والرقمي، وأنه سيبقى لكل منهما جمهوره ومجاله، موضحاً أن الاعتماد على الكتب الرقمية سيتزايد في الجوانب العملية والتعليمية، في حين ستستمر الكتب الورقية في المجالات الثقافية والأدبية ذات الطابع العاطفي والإنساني العميق.

سياقات ملائمة

مريم الرميثي
مريم الرميثي

وأوضحت الكاتبة الإماراتية مريم الرميثي أن العصر الراهن يشهد تطوراً رقمياً في مجالات عدة، وأن لكل أشكال الكتب جمهوره وميزاته ومتذوقيه ومكانه الأنسب وسياقاته الملائمة، مؤكدة أن الكتب الورقية ما زالت متوافرة في المؤسسات الأكاديمية والتربوية، كما أن المكتبات العامة عامرة بأمهات الكتب الورقية التي لا غنى عنها.

ولفتت مريم إلى أن المراحل التعليمية الأولى ترتكز على التعلم بالورقة والقلم؛ لأنها اللبنة الأولى لمنهج التعليم، وأن الكتب الورقية تمثل تجربة حسية وبصرية مريحة لأعمار الطلاب، ما يعني أن الكتب الرقمية تكمل الورقية ولا تستبدلها.

مبينةً أن الكتب الرقمية تمتاز بسهولة الوصول وكونها صديقة للبيئة، وتتيح عدداً من الوظائف الذكية بضغطة زر، ما يقتضي تشجيع انتشار الكتب الرقمية بنطاق واسع وظهور الأدب الرقمي.

وقالت: «هناك بعض المضامين الثقافية التي تحظى بقبول واسع في الشكل الرقمي، ككتب تطوير الذات والأدب المعاصر والقصص القصيرة التي يسهل نشرها عبر منصات التواصل».

مشيرة إلى أن الكتب الأكاديمية أصبحت تتجه رقمياً لسهولة استخدامها في الوظائف الذكية كالترجمة والبحث داخل النص، وإمكانية الحفظ السحابي، وميزة الدراسة عن بعد، والتكلفة الأقل على الطلاب والباحثين.

وذكرت أن ظهور مفهوم الأدب الرقمي ارتبط بظهور التقنية المعتمدة ودمجها بصورة تفاعلية بالصوت والحركة التي لاقت رواجاً لمستخدمي الشبكة الإلكترونية، مضيفة: «نعم هناك مستقبل أوسع لزيادة الإبداع التفاعلي والأدب الرقمي، ولكن هذا النوع من الأدب معرَّض للضياع لصعوبة الحفاظ عليه».

خيارات مرنة

سلطان الزعابي
سلطان الزعابي

واستبعد الكاتب الإماراتي سلطان الزعابي أن تكون الكتب الرقمية قد استطاعت أن تحل محل الورقية في العصر الراهن، مشيراً إلى أن الكتب الرقمية استحوذت على حصة من مساحة الكتب الورقية، وخاصة في المجال التعليمي، وأن المشهد القرائي شهد ثورة كبيرة مع إطلاق شركات التقنية أجهزة لوحية متطورة تقدم خيارات مرنة وميسرة في مجال القراءة الإلكترونية.

وأكد الزعابي أن للكتاب الإلكتروني مزايا عدة دون شك لا يوفرها الكتاب الورقي، كتمكين القارئ من تخزين عدد كبير من الكتب في القارئ الإلكتروني، والتنقل بها بكل سهولة ويسر.

إضافة إلى التفاعل مع المحتوى عن طريق الصوت والصورة المتحركة، منوهاً بأن هذا التطور أمر يثري التحصيل المعرفي لدى طالب العلم في مختلف مراحله.

وقال: «شخصياً ما زلت أقرأ الكتب الورقية؛ لأنها أشد راحة للعينين، ولا أقرأ إلكترونياً سوى الأخبار والتقارير، ولا يخفى على أحد مضارُّ إطالة النظر إلى الشاشات الإلكترونية.

وهذا أثر صحي يرجح كفة الكتب الورقية دون شك»، متوقعاً أن يُقبل القراء الشباب في المستقبل على القصص المصورة (Comics-Manga)؛ لكونها أكثر جاذبية للقراءة عبر الوسائط الإلكترونية.

ووصف مستقبل القراءة في ظل انتشار فكرة الكتاب الرقمي بأنه لا يزال بخير، بدليل استمرار وجود المكتبات الورقية، والإقبال المنقطع النظير على معارض الكتب، مشيداً بالسياسات الوطنية المشجعة على القراءة، وضمان ديمومة الكتب الورقية التي لا يمكن أن تلغي وجود الكتب الإلكترونية على الأقل في المستقبل القريب.