النقد الأدبي والثقافي.. جدل مستمر

سيد ضيف الله
سيد ضيف الله
محمد زيدان
محمد زيدان

يحتدم النقاش في المشهد الفكري المعاصر حول العلاقة بين النقد الأدبي والنقد الثقافي، فبينما يركز الأول تقليدياً على تحليل الجماليات والأساليب ودراسة النصوص في سياقها الأدبي، يستفيض النقد الثقافي بتناول النصوص ضمن سياقها الاجتماعي والثقافي الأكثر رحابة.

ويتجه النقاد اليوم أكثر إلى النقد الثقافي باعتباره وسيلة لفهم الأدب من منظور شمولي.. فهل بات النقد الثقافي هو المهيمن بفضل شموليته وارتباطه بالقضايا المعاصرة.

يؤكد الناقد د. سيد ضيف الله، أستاذ النقد الأدبي بأكاديمية الفنون المصرية، أن كلا النقدين الأدبي والثقافي يؤديان دوراً تكاملياً لتحقيق الهدف الأساسي، حيث يتم الاستعانة فيهما بطرق وأدوات مختلفة بما فيها الأدوات التقليدية التي كان يستخدمها النقد ما قبل البنيوية؛ غير أنه يرى أن النقد الأدبي يدين بالفضل إلى النقد الثقافي في استمراريته.

ويوضح: «النقد الثقافي كان ضرورة فرضتها اللحظة العالمية في العلوم الإنسانية على النقد الأدبي لتوسيع مجاله، بدون هذا التوسيع، وبدون تغيير منهجية النقد الأدبي أو بالأحرى طريقة تعامله مع الثقافة ومع النصوص كان من الممكن أن تحدث مشكلة قد تؤدي إلى اضمحلال النقد الأدبي، وعجزه عن مواكبة التطورات المعرفية».

ويسجل الناقد سيد ضيف الله اعتراضه على مقولة «النقد الثقافي هو نقد من لا نقد له» ويعتبرها تعميماً غير دقيق ومبالغاً فيه، ويرى أن المشكلة الأساسية تكمن في التطبيق الآلي لأي منهج نقدي دون دراية عميقة بالمتن النقدي وبسياق النص، لأن ذلك قد يؤدي بحسب وجهة نظره إلى «تحليلات سطحية وغير دقيقة، يحول الناقد إلى آلة تطبق قوالب جاهزة على النصوص دون أي اعتبار للاختلافات الفردية بين هذه النصوص».

ويتابع بأن غياب الروح النقدية والاستكشاف المستمر لأدوات جديدة يجعل النقد سطحياً وغير قادر على الكشف عن أعماق النص. ويلفت إلى أن هذا دليل على أن النقد الثقافي بعث وأحيا وأخرج النقد الأدبي من دائرة قاعات الدرس المنغلقة ليصبح مطروحاً على المشهد الإعلامي والثقافي حتى لو كان هناك تطبيقات آلية.

بالمقابل، يرى الناقد د. محمد زيدان، أن النقد الثقافي في العالم العربي يعتمد على استيراد النظريات الغربية مع عدم وجود بنية نقدية عربية تستوعبها ويقول:

«لم يجد النقد الثقافي طريقاً ممهداً في مصر والعالم العربي» مرجعاً السبب إلى «أن المشكلة التي يعاني منها المجتمع النقدي هي أن الاتجاهات النقدية لا تنتمي إلى الثقافة العربية، أو النص الأدبي العربي، وإنما هي نظريات ومناهج غربية، لم يجد النقاد مدخلاً للنص العربي، إلا من خلاله». ويلفت إلى ضرورة وجود نظريات ومناهج أدبية للنقد الأدبي من داخل البيئة الثقافية العربية ذاتها.

ومن النص الأدبي العربي، وبأدوات من داخل هذه النصوص؛ وبتأسيس من الفلسفة العربية القومية. مستنكراً اعتماد النقاد على مناهج غربية قائلاً: «تخيل أن النقاد كلهم يعتمدون على مناهج ليست لهم وهذه حالة غريبة وعجيبة».

ويضيف زيدان - الفائز مؤخراً بجائزة النقد بجائزة كتارا فرع النقد الأدبي – قائلاً لـ«البيان»: «وإذا أردنا أن نحمل بفكرة نقدية واحدة فيمكن القول، إن النقد البلاغي، توقف التأليف فيه منذ ألف سنة، يعني أن الثقافة العربية تعتبر من هذه الناحية مغيبة، لذلك يعتمد النقد على تراث بلاغي جاءت النصوص الأدبية وتعالت عليه وأصبحت في غنى عنه.

ولا بد من تفكير نقدي جديد يفتح آفاقاً جديدة للفكر المنهجي العربي، ومن خلال المجتمع والثقافة العربية». لافتاً أنه لهذا السبب ألف كتابه «بلاغة النص الروائي» الذي يمكن من خلاله «وضع بعض اللبنات في فرع النقد الأدبي».

محمد زيدان:

النقد الثقافي العربي يعتمد على استيراد النظريات الغربية

سيد ضيف الله:

يؤديان دوراً تكاملياً لتحقيق الهدف الأساسي بطرق مختلفة